رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

ليس كل ما يلمع ذهبا، ولا كل مشروع جديد بالضرورة مشروع قانونا ومجتمعيا. فكم من المشروعات تفتقد أدنى مستويات المشروعية!

أنا مع الجديد، الأحدث، الأجمل، الإضافة، الحركة، مع كل خطوة توفر فرص عمل، تُقدم قيمة مضافة، تفتح باب خير، لكنى ضد خنق الجمال، ومحو الهوية، ونثر التشوه تحت لافتة الربح المالي.

«كايرو آى» كذلك، ولو هتف المروجون بمزاياه وعائداته المتوقعة وفوائده السياحية. أن تأتى فى حى الزمالك، (والذى لم يعد الزمالك الذى كان، بجماله، وهدوئه، وروعة وسحر مبانيه) وتمنح بالأمر المباشر شركة استثمارية خاصة حق استغلال حديقة المسلة لتقام فيها عجلة دوارة بارتفاع 120 مترا، فأنت تخالف بذلك أبسط أهداف الدولة فى التوسع والتحديث وإقامة المشروعات العظيمة خارج التكدس السكانى بالقاهرة.

أن تبرر مشروعك، بتصورات ساذجة لجذب السياح وتحقيق عائدات ضخمة، فأنت تؤكد أن أحدا لم يدرس، ولم يخطط، ولم يُقيّم ليعلم أن جذب السياح يعتمد أولا على نظم عامة لاستهداف السياح، ورسائل توعية عميقة للمتعاملين مع السياحة.

أن تقول بأن المصلحة العليا تجب المصالح الخاصة، وتعتبر العجلة الدوارة هى المصلحة العليا وباقى الاعتبارات مصالح خاصة، فإن ذلك يعنى أنك لا تدرك شيئا عن مصالح الأمم والبلدان، فالجمال والشكل الحضارى والهوية التاريخية هى بالضرورة مصالح عليا جمعية أهم وأولى من مصالح خاصة لشركة إستثمارية.

ما فعله خالد عبد العال، محافظ القاهرة من إسناد بالأمر المباشر فى مشروع العجلة لإحدى الشركات يخالف الدستور والقانون وأبجديات الوعى الحضاري، بل وفلسفة الدولة نفسها. كيف يُمكن إنشاء مشروع جاذب لأكثر من مليونى سائح سنويا حسب دعاية المشروع والزمالك مغلقة مروريا، ولا تحتمل تدفقات بشرية جديدة؟ كيف قرر مسئول بجرة قلم محو شكل حضارى قائم، والاعتداء على معلم من معالم القاهرة التاريخية دون تشاور وتحاور مع وزارتى الآثار والثقافة ومسئولى التنسيق الحضاري؟ ولماذا يتم الإسناد بالأمر المباشر لمشروع تبلغ تكلفته 500 مليون جنيه؟ ثُم كيف يمكن فرض مشروع كهذا على بشر يقطنون حى الزمالك منذ عقود ليصبحوا محل فُرجة لزبائن العجلة دون مشاورتهم أو الإلتفات لرأيهم؟ ولمَ لم يُفكر السيد المحافظ فى المناطق الفسيحة على تخوم العاصمة لغرس العجلة الدوارة؟ لِماذا لم يتجه للقاهرة الجديدة، أو حدائق الأهرام أو المقطم؟؟

إن هناك فارقا كبيرا بين مشروعات قومية كبرى تُغير وجه مصر تصب فى مصلحة المصريين أجيالا بعد أخرى، وبين مشروعات تجارية تخص شركات بعينها. فلا ضير أن تُنزع ملكية أرض ما ويعوّض صاحبها إن كان هناك طريق جديد أو خط سكة حديد أو خط مترو أنفاق يفترض مروره، لكن أن نشوه جمالا ونبدل معالم ونُفسد رقيا يتمتع به أجمل أحياء القاهرة فلا معنى لذلك سوى أننا نفكر بعشوائية.

لقد اندهشت كثيرا من تصريح للمهندس محمد أبو سعد رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى قبل أيام بضرورة عرض مثل هذا المشروع على الجهاز، ذلك لأنى كنت أتصور أن ذلك الإجراء تم بالضرورة قبل أن يتم الإعلان عن المشروع. لكن يبدو أن بعض المسئولين فى بلادنا يتصورون أنهم يمتلكون وحدهم حق تحديد المصلحة العامة، ويظنون أنهم أعلم، وأفهم، وأحكم. وهذا أخطر ما يواجه الأوطان.

والله أعلم.

 

[email protected]