رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

كتبت تحية عبد الناصر مذكراتها.. بينما عبد الناصر نفسه لم يكتب مذكراته.. ففى عالمنا العربى فقط لا يكتب السياسيون مذكراتهم.. وفى عالمنا العربى فقط يموت السياسيون وتدفن معهم ذكرياتهم.. وكل أمنياتهم فى حياتهم أن ُيقفل باب القبر عليهم.. وعلى أعمالهم وكأنهم يخشون من الخلق ولا يخشون الخالق!

غيب الموت خلال السنوات الماضية شخصيات سياسية ذات أهمية خاصة فى أحداث مهمة فى تاريخ مصر الحديث.. بدأت برحيل الوزير كمال الشاذلي، صندوق الأسرار الأسود للحياة السياسية الداخلية والبرلمانية تحديدًا خلال أكثر 30 سنة.. وكذلك غيب الموت الدكتور أسامة الباز.. كاتم الاسرار الأعظم وراهب السياسة الخارجية المصرية دون أن ينطق بكلمة واحدة، مع أنه كان الشاهد الرئيسى على اتفاقية كامب ديفيد التى تعد أشهر حدث سياسي، بعد حرب أكتوبر، فى تاريخ مصر والعالم، ومع ذلك لم يروِ لماذا جرى وماذا جرى وكيف جرى فى الكامب بين السادات وكارتر وبيجين، حتى تم توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل فى المشهد الشهير للثلاثة فى البيت الأبيض.. بينما الباز كان فى الصفوف الخلفية متواريا عن الانظار رغم أنه من أهم المهندسين للاتفاقية بعد أن تخلى وزيرا الخارجية إسماعيل فهمى وإبراهيم كامل عن السادات أثناء المباحثات!

ومات وزير الزراعة الأشهر يوسف والى دون أن يكتب مذكراته مع أنه أدلى بحوار صحفى قبل وفاته بأيام.. وكان حديثه فى حد ذاته سابقة مهمة لم يفعلها أحد قبله من رجال مبارك الكبار.. وتصورت وقتها أن أهمية الحوار فى أنه سيستفز كبار المسؤولين فى نظام مبارك أن يقولوا كلمتهم.. سواء كانت هذه الكلمة مذكرات أو ذكريات.. ففى ذلك أهمية سياسية وتاريخية لمعرفة ما كان يجرى داخل هذا النظام!

ولكن الوزير والي اعترف بجريمة كبيرة فى حواره مع «المصرى اليوم» بأنه قام بتمزيق كل المراسلات التى كانت بينه وبين مبارك قبل عامين فقط بدعوى أنه « زمن وانتهى»، مع أنه كان، كما قال، «كنت مسؤولا عن جميع ملفات الدولة وليست ملفات الزراعة فقط».. فهل طلب منه مبارك شخصيا ذلك بعد أن فعل هو نفس الشيء.. فقد رحل ولم يترك ورقة واحدة أو وثيقة واحدة.. حتى الآن!

وأخيرًا.. مات صفوت الشريف وزير الاعلام الأشهر فى الثلاثين عاما الماضية، ولم يترك هو كذلك حرفًا واحدًا مع أنه يكاد يكون المسئول الوحيد الذى شارك فى ثلاثة أنظمة سياسية مختلفة، مع اختلاف وظيفته وأسرارها، مع كل نظام.. وتحديدًا مع كل رئيس!

ويبدو أن استمرار عمل صفوت الشريف، من أيام حكم الرؤساء عبد الناصر والسادات ومبارك، أنه شخصية تعرف كيف تقوم بمهام لا يستطيع غيره أن يقوم بها.. ويعرف كيف يحوز ثقة كل من يعمل معه.. وعمومًا لسنا بصدد محاكمة صفوت الشريف أو الحكم على تاريخه السياسى المعروف وغير المعروف.. وكل ما يهمنا مذكراته؛ فلم يكن الرجل مجرد وزير فقد كانت مهامه أكبر من الوزارة.. ولكنه مات مثلما مات الشاذلى والباز ووالى ولم يترك واحد منهم ورقة واحدة، عن سنوات عملهم مع ثلاثة رؤساء.. ولا أعرف لماذا حقيقة.. هل لأنها أسرار تمس أمن الدولة، أم لأنها مذكرات تمس أخلاق الرؤساء، أم لأنها ذكريات تمس شرف الشخصيات؟!

[email protected]