عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دارت فى الآونة الاخيرة أحاديث كثيرة، كما كتبت مقالات عديدة عن تصفية مصنع الحديد والصلب. وأغلب ما وجه لهذا الموضوع من اعتراضات هو مصير العمال بعد التصفية، وأيضًا أن هذا المصنع بالتحديد يعتبر صرحًا تاريخيًّا لابد من الاحتفاظ به، وهناك كذلك من يشكك فى النوايا وراء تلك التصفية.

إننى لم أجد وصفا ينطبق على من يدعى مثل هذه الافتراءات أفضل من (خداع النفس)، فأنا لا أتصور أن يكون هناك شخص محب لبلده مخلص لوطنه، يقبل ان يظل مشروع خاسر يستنزف أموال الدولة سنويا بالمليارات ثم يبقى على هذا المشروع الخاسر، وكأننا نوافق على استنزاف أموال الدولة فى مشروعات خاسرة لا أمل منها ولا رجاء، فهل من المعقول ان يطالب أحد باستمرار هذه الخسائر أيا كانت الأسباب!!

الحجة الرئيسية التى وجهها الكثيرون لتصفية مصنع الحديد والصلب هى مشكلة العمال بعد التصفية، هذه المشكلة سبق للدولة بحثها مرارًا وتكرارًا عندما تم بيع المشروعات الخاسرة السابقة، فقد تم تدبير الموارد الكافية لمن كان يعمل فى هذه المشروعات. فلماذا إذن يعاد الحديث مرة أخرى عن مصير عمال مصنع الحديد والصلب؟ لست أدرى، هل هناك إنسان عاقل يقبل على نفسه ضياع أجور العمال أو أن يتركوا بلا أمل أو حياة كريمة!!

لقد سبق للدولة عند تصفية المشروعات الخاسرة تعويض العمال تعويضا مجزيا، فاذا كان المشروع سيعاد تجديده وفى هذه الحالة يمكن للعامل بعد اجتياز الاختبارات اللازمة، العودة للعمل بعد تجديد المصنع. وللحقيقة، فإن تصفية المشروعات ليس معناها الاغلاق التام، فإما ان تكون التصفية من أجل تغيير النشاط، وإما بشرط الاستمرار فى ذات النشاط. وعلى حد ما قرأت فقد سبق عرض مصنع الحديد والصلب للبيع ولم يتقدم أى مستثمر لإعادة تجديده.

إذن.. فإننى أتصور انه لا داعى للعودة مرة أخرى للحديث عن مشكلة العمال، لاسيما وان الدولة سبق لها معالجة هذه المشكلة عند تصفية المشروعات السابقة. وعلى كل حال فلا يمكن لأى عاقل ان يقبل تشريد العمال فى الشوارع بلا مأوى أو حياة كريمة. ولمن لا يعلم، فان من أهم أسباب خسائر القطاع العام هم العمال أنفسهم، فقد تركوا بلا عمل حتى اعتادوا على التكاسل والجلوس على المقاهي، لدرجة ان شركات القطاع العام أصبحت مثلها مثل أغلب العاملين فى الدولة مثال للتكاسل والإهمال واللامبالاة.

أقولها بصراحة.. إن الخطأ الأكبر الذى وقعت فيه الحكومات السابقة هى حملة التأميم التى شملت اغلب المصانع التى كانت تنتج انتاجًا جيدًا للغاية ليس فقط للاستهلاك المحلى بل والتصدير أيضا، ولكن الذى تغير بعد التأميم هو الإدارة، ولا أريد أن أقول إن الإدارة التى تولت المصانع لم تكن بالكفاءة المطلوبة، فكانت تسعى لإرضاء الكبار بتعيين المديرين وشراء السيارات والاثاث بدلا من النظر للماكينات وتجديدها، والنتيجة أن أغلب المشروعات أصبحت مشروعات فاشلة خاسرة، وتتحمل الدولة أموالا طائلة فى سبيل تسيير هذه المشروعات.

وللحقيقة.. فان أغلب دول العالم تترك المشروعات الصغيرة للقطاع الخاص، باعتباره عماد الاقتصاد فى اغلب الدول المتقدمة، فأصحاب المنشأة الخاصة هم احرص على أموالهم، فهم يديرونها بالكيفية التى تحقق لهم الربح بعكس القطاع العام، فالمدير فى القطاع العام لا يهمه المكسب، ففى كل الحالات يحصل على الأجر وربما المكافآت والارباح بخلاف المزايا الأخرى. المفروض ان الدولة لها اختصاصات عالميا معروفة فهى تدير الخدمات الكبرى مثل السكك الحديد والبريد والمواصلات، مثل هذه المشروعات يعزف عنها القطاع الخاص لما تحتاجه من أموال طائلة.

خلاصة القول.. حرصى الشديد على وقف هذا النزيف الملقى على كاهل الدولة، هو ما يدفعنى - بعيدا عن خداع النفس- إلى المطالبة بتصفية القطاع العام بكل أشكاله، فقد سبق لى - منذ سنين طويلة - ان طالبت السادة المسئولين بضرورة تصفية القطاع العام، حيث لا فائدة منه أو رجاء، وان نعود مرة اخرى للاقتصاد الحر بحيث يقتصر دور الدولة على المشروعات الكبرى التى يعزف عنها القطاع الخاص.

وتحيا مصر.