عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

المتابع لقضية سد النهضة يلحظ أنها حتى على مستوى المهتمين بها، أصبحت قضية موسمية بدلا من أن تصبح قضية أساسية يتم تناولها فى كل وقت وحين. والغريب أن هذا الطابع ذاته – الموسمى – قد تغير وضعه أو يكاد، فبعد أن كان يرتبط بجولات التفاوض التى يتفق عليها الطرفان مباشرة فى السنوات الأولى للمفاوضات، أو من خلال الوسيط الدولى سواء كانت الولايات المتحدة فى مرحلة ما أو الاتحاد الإفريقى فى مرحلة أخرى، حيث كانت المفاوضات تتوقف شهرين أو ثلاثة تخفت خلالها مناقشة القضية أصبح الاهتمام بالقضية يرتبط بمواعيد الملء، وهو أمر لا يمكن إنكار نجاح أثيوبيا فى تحقيقه.

وعلى ذلك فقد تراجع الحديث عن أزمة سد النهضة على مستوى الاهتمام المصرى العام، وليس الرسمى بالطبع وإن كان يجرى فى الكواليس، على مستويات عدة.. من ناحية لسيطرة الملل على البعض باعتبار أن ذلك طابع بشرى عام.. بعبارة أخرى «فقد زهقنا» ولدينا كل الحق من كل هذه المفاوضات باعتبار أن المفاوضات فى جوهرها وسيلة وليست غاية، وهو أمر من المؤكد مقصود من قبل أديس أبابا بالشكل الذى يستدعى إلى الذهن القول الشعبى «دوخينى يا لمونة». ومن ناحية ثانية لأن من تشغله القضية لا يجد جديدا تحت الشمس يقوله ويبرر به إعادة تناول القضية.

وعلى ذلك فإنه بغض النظر عن أية تحفظات لك أو لغيرك على مسار المفاوضات فلك أن تعذر المفاوض المصرى أو شقيقه السودانى أو ترفع لهما القبعة على طول صبرهما، وإن كان المصرى – المفاوض – يتمتع بطول صبر أكبر وأطول، ربما أيضا يستدعى إلى الذهن تلك الحالة المتعلقة بصبر أيوب فى التراث الديني!! ويجد هذا الطرح الأخير تفسيره أو تبريره فى حقيقة أن الطرف السودانى عبّر عن نفاد صبره، الأمر الذى بدا واضحا فى جولة المفاوضات الأخيرة منذ أيام أو حتى قبلها.

ولذلك فلك أن تتساءل ومعك كل الحق، عن حكمة استمرار مصر فى المفاوضات التى رغم كل شيء لا يمكن قبول وصفها بأنها عبثية، حتى أن شخصية مثل الدكتور محمد نصر علام وزير الرى الأسبق الذى يمكن اعتباره المتحدث الأول الرسمى والشعبى فى الوقت ذاته عن القضية أعرب فى «بوست» له بعنوان دردشة عقلية عن دهشته وتشككه بشأن ما يمكن أن تؤدى إليه المفاوضات.

من ناحيتى ورغم أنه يمكن أن تعتبرنى ضمن الفريق الذى ينظر بتشاؤم للعملية التفاوضية، ومازلت وسأظل، وهو أمر عبّرت عنه كل السطور السابقة، بل ومقالاتى السابقة أيضا، إلا أننى فى رحلة بحثى عن أمل أو بالتعبير الكلاسيكى بحثى عن «ضوء فى آخر النفق» أشعر أحيانا بالطمأنينة، وهى نوع من الطمأنينة قد يعتبرها بعض المغالين نوعًا من خداع النفس أو التمسك بأمل واهٍ.. وعذرى أن الإنسان لابد له فى كافة مراحل حياته أن يتمسك بالأمل فلولاه لما كان هناك معنى للحياة.

خذ مثلا قصة سيدنا الخضر والذى ورد ذكره فى سورة الكهف دون الإشارة إلى اسمه صراحة مع سيدنا موسى عليه السلام، والتى محورها الإتيان بغريب المواقف دون أن تكون مبررة أو سهلة الاستيعاب ولا يملك المرء القدرة على الصبر حيالها دون رفضها أو التعبير عن استغرابه ودهشته، فى حين أن من يقوم بهذه المواقف لديه التفسير دون أن يستطيع قوله فى وقته أو فى لحظتها. وفى قصتنا فحين جاءت اللحظة راح الخضر يخبر النبى موسى بالخبر اليقين.

منطقى فى ذلك أن المفاوض المصرى واعٍ ولا يجب أن يتطرق إلينا الشك فى هذا الأمر ومن المؤكد أنه يعلم ما لا نعلمه. وفى النهاية فإنها رؤية تخفف من توترنا أو توتر أمثالى، وهو أسلوب يتم اللجوء إليه فى علم النفس مع المتوترين من خلال خلق الأمل بغض النظر عن مدى إمكانية حدوثه.. وإلا فإن البديل هو نوع من أنواع الجنون.. وقانا الله وإياكم الوصول إلى هذه الحالة!!

[email protected]