رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

عنوان وفكرة هذا المقال مستمدة من كتاب صدر فى أبو ظبى عام 2005 كنت قد قدمت مراجعة له منذ نحو 15 عاما فى ملحق «بيان الكتاب» بجريدة البيان الإماراتية للباحث الدكتور ممدوح أنيس فتحى تحت عنوان «الإمارات إلى أين؟». كان اللافت لى حينذاك هو جرأة المحتوى إلى حد يفسر، على ما بدا لى وقتها، عدم تحمس أى من دور النشر هناك للكتاب ما دفع المؤلف إلى نشره على نفقته. والكتاب، كما بدا من محتوياته، مثّل بحق محاولة جادة لاستشراف التحديات والمخاطر التى تواجه الإمارات على مدى الخمسة والعشرين عاما المقبلة حتى عام 2030.

أما سبب استدعاء هذا الموضوع الآن فهو التحول الذى تبدو عليه سياسة الإمارات ما وضعها فى قلب الاهتمام والنقاش على مستويات عديدة فى عالمنا العربى على خلفية التغير الحاد فى سياساتها فى العديد من المجالات وإن جاء فى القلب منها سياستها تجاه إسرائيل بالشكل الذى لم يكن متوقعا منها حتى فى أكثر الدراسات تشاؤما بشأن إمكانيات التغير فى تلك السياسات. ولعل ذلك يؤكد على الفكرة الأساسية التى أشار إليها المؤلف أنيس فتحى من أن «الإمارات كانت – ومن المؤكد أنها ما زالت – فى حاجة إلى خريطة واضحة المعالم للعالم الذى نعيشه السريع التغير والشديد التعقيد حتى تستطيع أن تمتلك رؤية واضحة لطبيعة التحديات والتهديدات المحتمل أن تواجهها وتدرك بوضوح كافة الأخطار التى قد تعترض مسيرتها نحو التقدم ولا يصبح مستقبل الدولة مرهونا بمواقف الدول الأخرى ومصالحها وتقتصر سياسة الدولة على ردود الأفعال وتفتقد المبادرة».

وإذا كان من حق الدولة – أي دولة – أن تصنع سياساتها التى تراها مناسبة للظروف التى تواجهها، فإن ذلك لا يجب أن يمنع من طرح تساؤلات بشأن أبعاد اتجاهات تلك السياسة باعتبار ان ذلك يصب فى جوهر مهمة التحليل السياسى. وعلى ذلك فإن أى مراقب لن تخطئ عيناه فى رؤية ما عليه بعض السياسات التى تنتهجها الإمارات من تغير جذرى بالشكل الذى دعا البعض إلى الإشارة إلى ما أعتبره طموحًا إلى لعب دور إقليمى يتجاوز بعض الحقائق التى تفرض نفسها عند السعى إلى تحقيق مثل هذا الدور، سواء على صعيد اعتبارات الموقع والمساحة ومقومات القوة المختلفة التى تعزز سعى الدولة لمثل هذا الدور.

فى ذاكرتى، وأعتقد أن الأمر فى الذاكرة العربية عامة، لمن عاش تطورات العقود الخمس الأخيرة منذ نشأة الإمارات أن تلك الدولة كانت علامة على الدعوة إلى لم الشمل العربى، كانت فى طليعة الدول المدافعة عن الحقوق العربية. بحكم عملى الصحفى عشت مواقف متعددة فى السنوات الأخيرة لحكم الراحل زايد كانت تذهلنى بإيغالها فى تبنى المواقف العروبية. نجحت الإمارات، دون قصد طبعا، فى اختطاف اللقب الذى كان يطلق على لبنان بأنها سويسرا الشرق، فأصبحت الدولة الملاذ التى يلجأ إليها القاصى والدانى ويقصدها الزعماء لتهدئة أجواء هناك ونزع فتيل أزمة هناك.

وربما من هنا مصدر الدهشة.. محاولة التحول من سويسرا إلى بريطانيا العظمى.. الأمر الذى يعكسه حجم التغير فى المواقف بغض النظر عن مدى منطقية هذا التغير من عدمه ولكنه كبير، ويزيد من وطأته أنه صعب الاستيعاب، ويثير التساؤلات بشأن الأسباب التى تقف وراءه. كنت أتمنى، على الأقل كدارس للعلوم السياسية، أن أقدم من خلال هذه السطور تحليلا متماسكا بشأن أبعاد الموضوع الذى أتناوله لكن ربما كان من الأسلم والأفضل التحليق فى آفاقه، لنقص المعلومات أولا، ولبعض حساسيات التناول ثانيا، وإن كنت هنا أعمل بالمثل القائل ما لا يدرك كله لا يترك كله.

بعد 15 عاما على صدور الكتاب الذى صدرت المقال بالإشارة إليه، يبدو أن البيئة المضطربة التى تواجه الإمارات تزداد عواصفها هبوبا، ما دعا إلى سلوك ردود أفعال لم تخطر على ذهن المؤلف رغم دقة توقعاته.. وتلك أزمة سلوك الدول، كما الأفراد، حيث يصعب التنبؤ بهذا السلوك مهما كانت مقوماتك البحثية.

[email protected]