رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أفضل ما فى الأزمات أنها كاشفة، ومحددة لمستوى الأداء بشكل عام. ولا شك أن عام 2020 بما تضمنه من جائحة استثنائية غير مسبوقة لم تعرف البشرية مثلها فى العصر الحديث، كان بمثابة اختبار عملى وحقيقى للحكومة المصرية ولدوائر صناعة القرار فى مصر على التعامل مع المتغيرات، والمفاجآت، والظروف الطارئة.

ورب ضارة نافعة كما يقولون، فالدولة المصرية - منذ اليوم الأول لظهور كورونا فى مصر - أثبتت أن لديها قدرات عظيمة للتعامل مع الكارثة بوعى وشفافية وتركيز حقيقي، ونظرة اجتماعية واعية تراعى مصلحة الناس وتقدمها على أى شىء آخر، وهو ما يعنى أن مستوى الإدارة فى مصر تطور وتقدم وتخطى واقعا كنا نراه مُحبطاً ومؤسفاً.

فعلى المستوى الاقتصادى اتخذت الحكومة قرارات جيدة أهمها ضخ مائة مليار جنيه للدعم النقدى للفئات الأكثر تأثراً. بالإضافة إلى سداد متأخرات دعم الصادرات بما يقارب ستة مليارات جنيه لدعم حلقة الانتاج. يضاف إلى ما تقدم ما اتخذه البنك المركزى من قرارات لتخفيض ودعم معدل الفائدة لتوفير مساعدات وحوافز لبيئة الأعمال كى تستمر فى الحركة رغم إجراءات العزل والتوقف الجزئى والكلى لبعض الأنشطة، مسانداً قوياً للاقتصاد المصرى ليتجاوز أزمته الطارئة، وهو ما أدى فى النهاية إلى نتائج معقولة إلى حد كبير. وتُعد أفضل كثيرا مما كان متوقعا من قبل المؤسسات الاقتصادية الدولية فى بدايات الأزمة، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادى ما يقرب من 4% لتكون مصر الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى استمر اقتصادها فى النمو.

ودون أى مجاملة، يمكن القول إن الحكومة أدارت الأزمة بذكاء شديد واحترافية عالية، خاصة فى قطاع المشروعات الحكومية التى استمرت فى العمل بكفاءة وسرعة وإتقان. كما تغلبت الحكومة على تحد صعب فى مجال التعليم والذى نجح فى تجنب طرح تجميد أو تعطيل الدراسة وما يترتب على مثل هذا القرار من خسائر جمة على المستويين الاقتصادى والتعليمي، وسارت العملية التعليمية بأقل خسائر ممكنة.

ورغم الموارد المحدودة للدولة المصرية فقد كان التعامل إزاء تفشى الوباء وتأثيره على المواطنين جيدا وسريعا وحاسما، وتمكنت منظومة الصحة من استيعاب صدمات الجائحة، وأمكن التعرف على نقاط القوة والضعف فى المنظومة، وعلاج مواطن الخلل بسرعة وحسم.

وبلا شك فإن ذلك يعنى أن مصر، رغم ما ترسخ لدى بعض أجهزتها الإدارية من سمات بيروقراطية، وتراخ، وتدهور فى مستوى الوعى والإدارة، يمكنها اللحاق بركب الدول المتقدمة والمتطورة، خاصة أن لديها كوادر فنية مميزة، وعقولا رشيدة واعية، وقادرة على التعامل مع الأزمات بحكمة واقتدار.

كذلك، فإن هناك تكاملا واضحا وترابطا حقيقيا بين أجهزة الدولة وهيئاتها فيما يخص مواجهة أى خطر ما تتعرض له البلاد، وهو تكامل نتمنى أن يستمر، ويأخذ إطاراً مؤسسياً شاملاً ليمكن من خلاله مواجهة مشكلات كثيرة مزمنة يمتد عمرها لعدة عقود.

والأهم من كل ذلك، فإن الأزمة كشفت بوضوح، ودون مزايدات أن هناك إرادة سياسية عليا، نابهة، متفهمة، واعية، ترى الواقع جيدا، وتخطط للقادم بروية واعتدال، وتوظف كل الإمكانات المتاحة والجهود الممكنة فى سبيل الحفاظ على أرواح المصريين. كما تعمل بإخلاص وبعزيمة وبصدق لما فيه الصالح العام. وهو ما يدفعنا للتفاؤل بالمستقبل، وبالعام الجديد 2021، فكل عام ومصر بخير.

ومع ذلك، فإننا نتوقع من الناحية الاقتصادية إدارة حكومية أكثر تركيزا للسيطرة على معدل الدين الخارجي، وأن تتحول السياسات الاقتصادية إلى سياسات تحفيزية للقطاع الخاص خاصة فى مجالى الصناعة والتصدير. فلا أمل فى التنمية دون استيعاب وخلق مليون فرصة عمل سنوياً، ولن يتحقق ذلك إلا بمزيد من الاستثمارات التى لا تقل عن عشرة مليارات دولار سنوياً، وهو ما يجب أن تعيه الحكومة جيداً.

وسلام على الأمة المصرية.