رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

 

إذا أردت أن تعرف قيمة فنان، اعرف جمهوره.. فإن قيمة الفنان من قيمة جمهوره، وأم كلثوم كان لها جمهورها، وعبد الوهاب له جمهوره، وكذلك عبد الحليم.. والفنان محمد منير وجمهوره شبه بعض، لا تعرف من يغنى ومن يسمع.. حالة غنائية واحدة، لأنه يغنى لهم، ويغنون معه.. ولم يُضبط يومًا وهو يغنى عليهم!

ومنير لم يصنع جمهوره، ولا الجمهور صنعه.. ولكنهما بحثا عن بعضهما البعض بين الناس فى الشوارع والحوارى.. فى كل المدن والقرى.. علاقة متداخلة مثل النيل والكورنيش والمراكب والنخيل.. ومنير وجمهوره ليست مجرد علاقة فنان يغنى وجمهور يسمع، إنها صداقة، وأخوة، وحوار وتلاقٍ فكرى ونفسى.. وحالة من العشق والوجد والتوحد مثل تلك التى نراها فى أفراح النوبة والصعيد والدلتا.. تركيبة غريبة من النشوة الغنائية لا تستمتع بها إلا فى الأفراح الشعبية وفى حلقات الذكر والمداحين.. استمزاج ثقافى وفنى واجتماعى.. وحوار ديمقراطى ملحّن، لأن غناء منير وجهة نظر، وفلسفة، وأسلوب ونمط حياة!

وغناء منير ليس محايدًا، ولا موضوعيًا فهو منحاز لكل ما هو مصرى، وذاتى جدًا فى علاقته بالوطن.. مثله مثل كل المصريين الذين يعشقون تراب هذا البلد مهما قالوا عنه، ومهما اشتكوا منه.. لا يقبلون أن يشتمه أحد مثل الأم التى تدعو على ابنها وتكره من يقول أمين.. هكذا منير وجمهوره، ولذلك لا يقبل على نفسه أن يغنى غناءً فاسدًا أو مزيفًا لوطنه وجمهوره، ووطنه وجمهوره لا يقبلون منه غناءً رديئًا، ولا مزيفًا، لأنه لا يرتضى لوطنه الفساد، ولا لجمهوره الزيف.. غناء محمد منير مثل جمهوره.. شباب جميل فى المدارس والجامعات وعلى المقاهى والنواصى، وأفواج على الكورنيش، تحب الحياة وسحر اللحظة وجمال الضحكة.. وبنات قطعة من القمر، مثل الغروب ونجوم الليل وندى الفجر.. حياة تتكلم بالإشارة وتتفاهم بالعيون وتعشق بملامسة الأيادي!

وغناء منير يصعب تصنيفه فى القوالب التقليدية مثل الغزل والوصف، والوطنى والعاطفى.. فهو صاحب منهج فى الغناء، لا يحيد عنه، هو مزيج خاص يجمع فيه كل هذه الخلطة المصرية السرية والسحرية، مثله مثل كل ما هو مصرى، يصعب تصنيفه؛ هل هو فرعونى، قبطى، إسلامى.. هو كل ذلك فى بعض، ولهذا فإن الغناء عند «منير» (كوزموبولتانى) كونى وعالمى، ولهذا لم يكن غريبًا أن تمتد شهرة منير خارج مصر، وتصل إلى أنحاء متفرقة من العالم.. وعندما غنى وقال «مدد مدد يا رسول الله» فاز بجائزة السلام من الـ CNN، وسبقتها الـ BBC، التى احتفت بمنير، باختيار أغنيته «الليلة يا سمرة» ضمن قائمة أفضل 50 أغنية فى القرن العشرين. وبين هذا وذاك، نال منذ فترة الجائزة البلاتينية كأفضل مطرب عربى عن أغنيته «تحت الياسمينة»، والتى حققت أعلى مبيعات فى ألمانيا حتى قاربت المليون إلا الربع نسخة!

«منير وجمهوره» حالة مصرية خالصة، مثل كل شيء على أرض هذا الوطن.. مكون خاص، وفريد من الثقافات، ليس فى الغناء فقط بل فى المعتقدات والديانات.. فالإسلام فى مصر يختلف فى الكثير من الممارسات والمظاهر عن الإسلام فى العالم، وكذلك المسيحية المصرية تختلف عن مسيحية العالم.. وكل المظاهر الحياتية واليومية فى مصر مختلفة عن مثيلتها فى معظم دول العالم.. بلد وناس بلا توصيف أو تعريف مسبق.. و«منير وجمهوره» بمثابة بوتقة انصهر فيها كل ما هو مصرى أصيل.. سلامتك يا ملك!

[email protected]