عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شوفها صح

 

رغم كل ما أحاط بها من هموم.. استطاعت أن تحتفظ لنفسها بابتسامة هادئة كطبعها، أصبحت «أستاذة» في امتصاص غضب الآخرين وتعويدهم الصبر الجميل، جارتها وصديقتها الوحيدة دائماً ما تردد «ما شاء الله عليك يا نعمة.. ما اسمعكيش تصرخي ولا تضربي عيل من عيالك.. اختلفت كثيراً عما عرفتك من 15 سنة.. بصراحة كنت عصبية جداً.. وكان البيت كله يشتكي من صوتك».. جارة نعمة «الست ليلي» قالت لي في جلسة ودية: ربنا هيكرمها آخر كرم صبرت علي بنتها كتير وعمرها ما اشتكت حتي بعدما «طفش» جوزها الندل وسابها بأولادها، بصراحة راجل ما عندوش ريحة الضمير.. هي كمان ما دورتش عليه، اعتبرته ميت.. وكده كده هي شقيانة وبتشتغل من زمان.

جارة نعمة.. أكثر من مجرد سيدة مصرية مخلصة تعرف الأصول ومعني الجيرة التي أصبحت صداقة بفعل طول العشرة بالمعروف.

أما نعمة نفسها فقد علا وجهها علامات الرضا والسماحة، تأتي من عملها في أحد السنترالات.. ولا تمر ساعة حتي تراها حاملة ابنتها رانيا التي تبلغ من العمر 11 عاماً لكن عمرها العقلي لا يزيد علي 5 سنوات يساعدها عم محمد صاحب محل البقالة في نفس البيت لينزل عنها الابنة ويجلسها علي كرسي حتي يأتي الأسطي علي سائق التاكسي القديم جداً ويدخلها فيه وينطلق بالأم وابنتها إلي مركز التأهيل، يقطع المسافة من ميدان الجيزة، لآخر فيصل في أقل من نصف ساعة «سبحان الله» رغم أنه في المعتاد قد يستغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة، خاصة في أوقات الزحام لكن الأسطي علي دائماً ما يقول لأم رانيا والله العروسة دي بركة، وربنا بيكرمني اليوم اللي بوصلها فيه آخر كرم.. تضحك نعمة وتشكر الجار الشهم الأصيل، الذي يرفض أن يحصل منها علي أي أجرة بل يقول بكل صدق «ده أنا اللي أديلك فلوس يا ست نعمة ده رانيا سبب سعدي».

أحاط الله أم الفتاة المعاقة ذهنياً وحركياً.. بجيران هم أوفي من الزوج الذي اختفي منذ سنوات.. سمعت أنه تزوج.. وأخبرها أحد المحامين من الجيران أيضاً أنه سيتطوع ليرفع عليه دعوي وسيأخذ حق نعمة وأولادها «من عينه» لكن الزوجة قالت «لا أريد منه شيئاً لو كان بيده أن يقدم لنا شيئاً لفعل.. الله يعينه».

وعندما سألتها: علام يعينه يا ست نعمة؟.. قالت لي: بعينه علي نفسه.. ثم سألتني: هل تعتقدين أن الله تعالي يمنح الصبر لكل العباد؟.. وأردفت: لقد نزع الله من قلبه الرحمة والصبر علي البلاء.. أما أنا والحمد لله.. أصبحت ما كنت أعتقد أن «مصيبتي» سبباً في رزقي من مالي يكفيني ويسترني وصحة وقوة تجعلني والله العظيم لا أشعر بألم في ظهري وأنا أحمل ابنتي رغم ما أصابنا من انزلاق وتحذير الأطباء لي بعدم حمل حتي حقيبة يدي.

أنعم الله عليّ بجيران وأصدقاء هم خير أهل لي، ولم أندم علي رفض الانتقال للعيش في أسيوط وسط عائلتي بعدما تركنا زوجي.. لقد أصبح الشارع.. عائلتي.. أهلي.. وأهل عيالي.

أما الانزلاق الذي أصاب فقرات ظهري فهو أهون ألف مرة من الانزلاق الذي أصاب زوجي في قلبه وروحه.