عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

- لماذا أضاف «السادات» مادة الشريعة الإسلامية إلى الدستور؟

- وكيف تحولت إلى «مبادئ الشريعة» عام 2014؟

- «مبارك» عدّل الدستور مرتين إحداهما للتكويش والأخرى للتوريث

- وحكاية رئيس الوفد مع اللجنة التشريعية فى غرفتى البرلمان

- وهل يناقش مجلس النواب الحالى مشروع اللائحة أم ينتظر المجلس الجديد؟

كل عدة سنوات تتصدر قضية الشريعة الإسلامية أى تناول للدستور خاصة إذا كان مصدره المجالس النيابية، هذه المرة اختتم مجلس الشيوخ إقراره لمشروع لائحته الداخلية بالتصويت الجوهرى الذى أهداه المستشار بهاء الدين أبوشقة وكيل أول مجلس الشيوخ إلى المجلس لإنقاذ مشروع قانون لائحة المجلس من عدم الدستورية فى موضعين مختلفين، فى الوقت الذى يبدأ فيه المجلس أولى خطواته نحو دوره الجديد كغرفة برلمانية ثانية يمارس اختصاصاته المقررة له فى الدستور وفى اللائحة التى تنظم العمل داخله وتضبط العلاقة بينه وبين مجلس النواب، وتساعده على القيام بمهامه فى تقوية دعائم الديمقراطية، وأخصها الانتخابات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى، وإعلاء قيم التنافسية السياسية، وتمكين المرأة والشباب، ودعم السلام الاجتماعى، وإعلاء مبدأ المواطنة، والعدالة الاجتماعية، وحرية التعبير، ومناهضة التميز، ومكافحة الجرائم المنظمة الكبرى كالإرهاب، والنزاعات القبلية والطائفية والثأرية.

فقد تقررت الشريعة الإسلامية فى أول تعديل لدستور عام 1971 الذى أصدره السادات بعد توليه السلطة عقب وفاة عبدالناصر فى 28 سبتمبر 1970، وفى 20 مايو 71 طلب السادات من مجلس الشعب وضع دستور جديد، وتشكلت لهذه المهمة لجنة تحضيرية من 50 عضوا ارتفع عددهم إلى 80، وصدر الدستور الذى اختص بالمقومات الإنسانية للمجتمع والحريات والأخلاق ونظام الإدارة المحلية.

وتم تعديل دستور 71 فى 22 مايو 1980 وسمحت التعديلات بتمديد مدة الرئاسة لأكثر من مدة تالية وإنشاء مجلس الشورى، وجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع لأول مرة. وقيل إن مادة الشريعة الإسلامية وهى المادة الثانية فى الدستور لم تكن مدرجة فى التعديلات، وكان التركيز على تعديل فترة الرئاسة من مدة إلى مدد أى بتحويل «التاء» إلى «دال» وتطوعت النائبة فايدة كامل سواء باقتراح منها أو بتوجيه لإدراج مادة الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع، لتسهيل عملية إقناع الشعب بتمرير مدد الرئاسة أثناء طرح التعديلات للاستفتاء، ومر التعديل بموافقة الشعب المؤمن المنتمى إلى رئيسه المؤمن أنور السادات.

وبعد استشهاد السادات، الذى لم يستفد من زيادة مدد الرئاسة تولى مبارك السلطة، وأجرى تعديلا جديداً على الدستور فى 25 مايو 2005 لتحويل نظام شغل مدة الرئاسة من الاستفتاء إلى الانتخاب ووضع شروط للترشح للرئاسة وكانت شروطا تعجيزية، وفى 26 مارس 2007 أجرى مبارك تعديلاً آخر على الدستور لتخفيف شروط الترشح للرئاسة وجاءت التعديلات بوضع السم فى العسل وكانت موجهة نحو توريث الحكم.

وبعد 40 عاماً من تطبيق دستور 71 وتعديلاته سقط الدستور بعد ثورة 25 يناير، أو تعطيله بقرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 13 فبراير 2011، بعد تنحى مبارك عن السلطة فى 11 فبراير 2001.

وجاء دستور 2014 فى عهد حكم الإخوان. وتم تعديل مادة الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع إلى مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، ومبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية.

وقيل فى تفسير عبارة مبادئ الشريعة الإسلامية إنها تطبق مقاصد الشريعة وأهدافها والعلل التى جاءت بها الشريعة لتحقيقها فى دنيا الناس، وهى الفقه والفهم للشريعة وليست الشريعة فى ذاتها وإنما هو التركيز على الضرورات والحاجات والتحسينات وليس تفاصيل الشريعة.

واستمرت مادة مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع فى التعديلات التى أدخلت على دستور 2014 فى عام 2019، وتنص هذه المادة التى تحتل رقم «2» فى الدستور على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. والمادة «3» تنص على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.

بعد هذا الاستقرار فى تطبيق مادة الشريعة منذ عام 1980 إلى أمس الأول تجدد الحديث فيها بمناسبة تحديد اختصاصات اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشيوخ فى إطار اللائحة الداخلية التى كان يناقشها المجلس. اختصاصات اللجنة ما ورد فى اللائحة هى كالآتى فى المادة «46» من اللائحة:

تختص اللجنة التشريعية بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة وغيرها من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التى تحال إليها، بالاشتراك مع اللجنة أو اللجان المختصة، كما تختص بمناقشة القروض والمنح الخارجية بالاشتراك مع لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار ولجنة الشئون الخارجية والعربية والأفريقية.

كما تختص باقتراح تعديل القوانين بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وأحكام الدستور، وشئون اللائحة الداخلية، والتشريعات المكملة للدستور، والتشريعات المتعلقة بالجهات والهيئات القضائية، ومعاونة المجلس ولجانه فى صياغة النصوص التشريعية، والتصدى لشئون العضوية، والحصانة البرلمانية وأحوال عدم الجمع، وإسقاط العضوية.

اختصاصات اللجنة التشريعية كانت مقبولة من جميع الأعضاء، لكن جزئية اقتراحها تعديل القوانين بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية فجرت بركان غضب داخل القاعة الهادئة على مر السنين، بدأ الحديث النائب محمد مغاورى مطالباً بحذف هذه العبارة الأخيرة من اختصاص اللجنة مبرراً اقتراحه بأن هناك قوانين غير مرتبطة بالشريعة الإسلامية، مثل تنظيم الأحوال الشخصية للأقباط.

واتفق معه السيد عبدالعال رئيس حزب التجمع، وقال إن حشر عبارة مبادئ الشريعة الإسلامية فى اختصاصات اللجنة التشريعية فى اقتراح تعديل القوانين معناه أننا لو هنراجع قانون الفاتورة الإلكترونية هيكون فى إطار ما يتفق مع الشريعة الإسلامية!

وهنا تولى المستشار بهاء الدين أبوشقة وكيل أول مجلس الشيوخ مهمة الدفاع عن الدستور، وكان قد قام بدور المعقب على مناقشات جميع النواب لتسير اللائحة فى طريقها الصحيح بما يتفق مع الدستور والقانون، وقال أبوشقة بعد أن عم الهدوء قاعة المجلس للاستماع إلى القول الفصل استناداً إلى خبرات أبوشقة ليس كرجل قانون فقط، ولكنه كان رئيساً للجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب لمدة 5 سنوات فى الفصل التشريعى الذى أوشك على الرحيل.

طبق خلالها الدستور فى جميع مشروعات القوانين التى عرضت على اللجنة، ومرت من تحت يده مئات المشروعات، وصدق عليها الرئيس السيسى بالكامل، وكان الاعتراض الوحيد للرئيس طوال الفصل التشريعى على مشروع قانون واحد، وهو الوحيد الذى لم يعرض على اللجنة التشريعية وأحيل إلى لجنة الصحة وهو مشروع قانون التجارب السريرية، واعترض عليه الرئيس وأعاده إلى مجلس النواب، وقرر مجلس النواب تصحيح مسار المشروع بإحالته إلى اللجنة التشريعية لتفادى خطأ الوقوع فى عدم الدستورية.

المهم أن أبوشقة قال فى مجلس الشيوخ إن النص المطروح فى اختصاص اللجنة التشريعية يتطابق مع ما جاء فى الدستور، لافتاً إلى أنه حال مناقشة أى تشريعات تتعلق بغير المسلمين ستطبق عليهم المادة الثالثة وهى أن مبادئ تشريع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية،، واختيار قياداتهم الدينية، وقال إن المادة الثانية تنص على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ولا يمكن المساس بالمادة الخاصة باختصاص اللجنة التشريعية لأنها متفقة مع الدستور، ولا تمس شرائع المسيحيين أو اليهود، ودوت القاعة بالتصفيق الحاد على هذا المخرج الذى أنقذ به أبوشقة لائحة مجلس الشيوخ من عدم الدستورية، واتفق معه المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ وقال: نحن ملتزمون بأحكام الدستور التى تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، كما قال المستشار فرج الدرى أخشى أن يؤدى حذف عبارة مبادئ الشريعة الإسلامية من اختصاص اللجنة التشريعية إلى رد فعل غير جيد، وكلام «الدرى» يوزن بميزان الذهب لأن الشارع المصرى سيكون له كلام آخر ويعتبر أبوشقة قد نزع فتيل أزمة كانت ستتصدر لمجلس الشيوخ فى بداية عمله. وقام أبوشقة بالتوضيح لمداخلته التى أعادت سفينة الشيوخ إلى التوازن فى أول رحلة إبحار لها أنه وفقا لدستور 2014 فإن هناك قانونا يصدر بلائحة مجلس النواب أو الشيوخ وهو نص فريد فى دساتير العالم، وان هذا القانون ـ أى قانون اللائحة ـ يجب أن يكون ملتزما بالنصوص الدستورية وفقا لما نصت عليه التعديلات الدستورية.

مادة أخرى غير دستورية قام أبوشقة بتصويبها فى لائحة الشيوخ، بعد أن وقعت المادة فى فخ شبهة عدم الدستورية وهى المادة 234 التى تتعلق بسفر العضو للخارج حيث كانت المادة تمنح رئيس مجلس الشيوخ حق الاعتراض على سفر العضو وقال أبوشقة إنه وفقا للدستور فإن الحرية الشخصية مصونة ولا يجوز تنفيذها إلا بإذن مسبب، وأن حق المواطن فى التنقل مكفول، وبالتالى نحن أمام قاعدة ومبدأ دستورى فى كافة دساتير العالم، وإذا كنا أمام نص قانون فى اللائحة يستوجب أخذ رأى رئيس المجلس أو المجلس ومن يريد السفر من الأعضاء يتقدم بطلب مكتوب يستوجب الموافقة فإننا نكون أمام قيد يتنافى ويجافى صريح النصوص الدستورية وبخاصة المادة 62 من الدستور التى تنص على حرية التنقل، والإقامة، والهجرة، ولا يجوز إبعاد أى مواطن عن إقليم الدولة ولا منعه من العودة إليها ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه أو حظر الإقامة فى جهة معينة عليه إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة، وفى الأحوال المبينة بالقانون، ووافق المجلس بالإجماع على رأى أبوشقة وتم تعديل مادة سفر العضو إلى الاكتفاء بمجرد إخطار رئيس المجلس بالسفر.

فى مجموع جلسة الشيوخ الأولى يتأكد أن المجلس نجح فى أول اختبار له، واحترم الرأى والرأى الآخر، وطبق الدستور والقانون، وأقر لائحته الداخلية مراعيا احترام وتقدير التركيبة السياسية للمجلس من قامات حزبية وكفاءات فنية، وأحال المجلس مشروع قانون اللائحة إلى الرئيس السيسى ليمارس سلطته فى إحالتها إلى مجلس النواب لإقرارها فى شكلها النهائى، ويتولى بعد ذلك مجلس الشيوخ تشكيل لجانه النوعية الـ14 بتوزيع الأعضاء عليها، ثم يمارس اختصاصاته من خلال هذه اللائحة.

فهل يدعو الرئيس السيسى مجلس النواب الحالى الذى ستنتهى مدته فى 9 يناير القادم لمناقشة لائحة مجلس الشيوخ للتعجيل بإصدارها وتوفير الوقت؟، كما يقوم المجلس الحالى أيضاً بتعديل لائحته بما يتفق مع لائحة الشيوخ أم ينتظر هذه الإجراءات المجلس الجديد الذى ستعلن الهيئة الوطنية للانتخابات تشكيله الرسمى والنهائى يوم 19 ديسمبر الذى لن يعقد جلساته قبل العشرة أيام الأخيرة من يناير؟ هذا مجرد اقتراح ستجيب عنه الأيام القادمة.