رؤى
مشكلة إلقاء الأطفال الحجارة على قطارات السكك الحديدية قديمة جدًا، وأقدم وأول حادثة سمعتها فى حياتى كانت قبل 45 أو 50 سنة، حكت الواقعة السيدة صفية المهندس رحمة الله عليها (1922-2007)، شقيقة الفنان الراحل فؤاد المهندس، وزوجة بابا شارو رئيس الإذاعة الأسبق.
الواقعة روتها السيدة صفية فى برنامجها الإذاعى الشهير «ربات البيوت» أو «إلى ربات البيوت»، كان يذاع فى الراديو فى الفترة الصباحية، صوتها مازال فى أذنى، أن أحد الأطفال أرسل لها خطابا يشكو فيه من إصابة والده فى عينيه، كان والده يعمل سائقا للقطارات بالسكة الحديد، فى أحد الأيام ألقى طفل بحجارة على القطار، حطمت زجاج العربة، وأصاب الزجاج عين السائق، نقل إلى المستشفى واتضح عدم قدرته على الرؤية مرة أخرى، وتسببت هذه الحادثة فى تقاعد السائق، الطفل صاحب الرسالة ابن سائق القطار، استحلف السيدة صفية أن تطالب الأطفال بعدم إلقاء الحجارة على القطار لكى لا يصاب آخرون.
لقد مر على هذه الواقعة كما سبق وذكرت حوالى نصف قرن لكنها مازالت فى ذاكرتى، لماذا؟ لا أعرف، وكثيرا ما أتذكرها عندما أستقل أحد القطارات المتجهة إلى الإسكندرية، ربما لتأثرى الشديد عندما سمعتها من السيدة صفية، وربما خوفا على والدى رحمة الله عليه، فقد كان أيامها يعمل فى إدارة مدينة السنطة التعليمية، وكان يسافر يوميا بالقطار من مدينة طنطا إلى مدينة السنطة، ربما.
بجانب إلقاء الحجارة على القطارات، أذكر أن كثيرا من الأطفال الذين يقيمون بالقرب من السكة الحديد، فى القرى أو الأحياء السكنية بالمدن، كانوا يضعون حجارة على القضبان ليمر عليها القطار ويفتتها، كما كانوا يضعون بعض قطع الحديد أو الملاعق على القضبان ليفردها القطار، ونعتقد أن بعض حوادث خروج العربات عن القضبان كانت بسبب وضع الأطفال الحجارة عليها.
واقعة إصابة السائق فى عينيه التى روتها السيدة صفية المهندس رحمة الله عليها قد تتكرر ليس مع أحد السائقين فقط بل مع بعض الركاب، ويفقد الراكب نظره وبالتالى عمله، ولحماية القطارات والركاب كانت الحكومة تبنى أسوارا مرتفعة بطول السكك الحديدية، ونعتقد أن أفضل حماية للقطارات والركاب هو تركيب زجاج غير قابل للكسر، وإحكام إغلاق أبواب وشبابيك عربات القطار خلال الرحلة، وتركيب كاميرات على العربات والسنفورات بطول السكة الحديد، وتغليظ عقوبة رمى الحجارة على القطارات أو العربات فى الطرق السريعة.