رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

فى لائحة مجلس النواب مادة تعلم منها الأعضاء الغش والكذب والتزوير والخداع والاستيلاء على المال العام. المادة تحمل رقم 278 وهى موجودة فى اللائحة منذ أيام مجلس الشعب السابق، وتنص على أن يكون إثبات حضور الأعضاء الجلسة وغيابهم وفقاً للنظام الذى يضعه مكتب المجلس.

والنظام الذى كان مطبقاً فى حضور النواب الجلسة العامة يتم عن طريق وضع عدة مناضد أمام الأبواب التى تقع يسار قاعة الجلسة العامة، يراها الداخل إلى المجلس من باب رقم 3 المواجه لوزارة الصحة وهو متجه يساراً إلى القاعة، المناضد تحمل فوقها عدة لوحات معدنية بأسماء الأعضاء فى كل محافظة على حدة، ويوجد قلم رصاص مربوط بخيط معلق إلى جوار اللوحة بالقرب من الكشف الورقى المدون به أسماء الأعضاء، ويلتزم العضو قبل دخول القاعة بالتوقيع أمام اسمه لإثبات حضوره.

هذا التوقيع يضمن للعضو صرف مكافأة حضور الجلسة، ويعتمد المجلس على توقيعات الأعضاء فى التأكد من وجود النسبة المطلوبة لعقد الجلسة وهو نصف الأعضاء المكون منهم المجلس زائد عضو. وإثبات هذه النسبة هى مسئولية الأمين العام للمجلس الذى يقوم بحصر الأعضاء من خلال كشوف التوقيع، ويقوم بمخاطبة رئيس المجلس فى الموعد المحدد لعقد الجلسة بحضور النسبة المطلوبة لعقد الجلسة ويتوجه رئيس المجلس إلى القاعة، ولكنه كان يكتشف أنها شبه خالية من الأعضاء!

أين ذهب الأعضاء.. هل تحولوا إلى فص ملح وداب وهل نزلوا تحت المقاعد، وبالفحص والتمحيص والتدقيق يتبين أن نواب كل محافظة كانوا يختارون واحدًا من بينهم للتوقيع للباقين فى كشوف الحضور عن طريق الذهاب إلى المجلس قبل بدء الجلسة، ويتم ذلك بالتناوب بين النواب خلال أيام الجلسات، مما يسهل عملية تزويغ النواب من الجلسة من أجل مصالحهم الخاصة، ويمارسون أعمال البيزنس عن طريق استغلال الحصانة البرلمانية، وعن طريق تزوير كشوف التوقيع يحصل جميع النواب على مكافأة الجلسة ويتساوى الغائبون والحاضرون، وكان الحاضرون لا يتعدى عددهم ثمانين نائباً على أقصى تقدير فى كل جلسة.

وإذا طبق رئيس المجلس اللائحة فى حالة وجود عدد أقل من العدد المطلوب فى الجلسة، فإنه عليه أن يؤجل الجلسة نصف ساعة طبقاً للائحة، فإذا لم يتكامل العدد فى الميعاد المذكور لعقد الجلسة، يعلن رئيس المجلس تأجيل الجلسة ويحدد موعد الجلسة المقبلة ولكنه كان لا يفعل، حيث كان يظل جالساً على المنصة، ويكلف الأمين العام بالبحث عن النواب فى البهو الفرعونى أو فى مكاتب اللجان كما كان يستعين برئيس الهيئة البرلمانية للأغلبية وبوزير شئون مجلس النواب للبحث عن الأعضاء، وكان يتم الاتصال بالأعضاء بالتليفون فيحضر عدد قليل، وكان رئيس المجلس يضطر إلى عقد جلسة باطلة لأنها إذا بدأت بعدد أقل من العدد المنصوص عليه بالدستور يعتبر ما يدور فيها باطلاً سواء من مناقشات لمشروع قانون أو آليات رقابية، أما إذا انعقدت الجلسة صحيحة بحضور العدد القانونى فتستمر صحيحة حتى لو غادر أى عدد من النواب، وكان معظم جلسات المجلس باطلة إلا الجلسات التى كانت تحضرها الحكومة لإلقاء بيانها أو حضور الرئيس لافتتاح الدورة البرلمانية فى العهد السابق.

أو أثناء مناقشة طلب لإسقاط عضوية نائب غير مرغوب فى استمراره.

هذا الوضع الغريب الذى علّم النواب الاستيلاء على المال العام فى صورة مكافآت ليس لهم حق فيها كان أحد أسباب تجرؤ عدد كبير من النواب على توسيع دائرة خطرهم على أراضى الدولة واستثمار الحصانة فى أفعال وتصرفات يجرمها القانون.

لو طبق المجلس اللائحة كما يجب أن يكون لكان فرضًا على الأعضاء احترام المال العام وعدم التجرؤ عليه بالحيل، لأن اللائحة لا تجيز للعضو أن يتغيب أكثر من ثلاثة أيام جلسات فى الشهر إلا إذا حصل على إجازة أو إذن من المجلس لأسباب تبرر سبب الإجازة، ولا يجوز له طلب الإجازة لمدة غير معينة، كما يجب على العضو الذى يطرأ ما يستوجب غيابه عن إحدى الجلسات أو اجتماعات اللجان أن يخطر رئيس المجلس أو رئيس اللجنة كتابة.

وإذا تغيب العضو الذى يطرأ ما يستوجب مغادرته مبنى المجلس أثناء انعقاد جلساته أو جلسات لجانه أن يستأذن فى ذلك كتابة لرئيس المجلس أو رئيس اللجنة.

 وإذا تغيب العضو عن حضور جلسات المجلس أو لجانه بغير إجازة أو إذن، أو لم يحضر بعد مضى المدة المرخص له فيها، اعتبر متغيبًا دون إذن، ويسقط حقه فى المكافأة عن مدة الغياب، لكن لم يحدث ذلك، فالجميع كانوا يصرفون المكافأة عن طريق الحضور الوهمى على الورق، ويورطون المجلس فى عقد جلسات مخالفة للدستور، وكان الرأى العام يتفرج على الجلسة الخاوية من أعضائها، أين ذهب الأعضاء لا هم موجودون فى المجلس ولا فى الدوائر. لكنهم موجودون فى مكاتب الوزراء للحصول على استثناءات وفى مكاتب هيئة الاستثمار، وجلسات البزنس، وتوزيع الأنصبة لتعويض ماتم إنفاقه للحصول على العضوية وتحقيق عائد ينفع عندما يتحول إلى كارت محروق سواء بإرادة الشعب أو بإرادة السلطة.

ولكن العيب هنا مشترك فى النائب الذى يستحل المال الحرام، وفى اللوائح عندما تتحول إلى حبر على ورق، وفى الإجراءات التى تفسح الطريق أمام ضعاف النفوس وهواة جمع المال بأى وسيلة فى رفع شعار النهب للجميع!