رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حامى الحمى تلك هى النظرة التى يسعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لأن ينظر إليه المسلمون بها، بل يتعداها بأن يكون حامى القدس، رغم إقامة أردوغان علاقات كاملة مع إسرائيل، ولامانع بأن يظل يدعى منذ سنوات أنّه سيُعيد تقييم طبيعة تلك العلاقات مُهدّداً بقطعها، وكل هذا يؤكد أننا أمام حالة بارانويا من نوع خاص فهو يطرح صورته كرجل طيب يقود العالم الاسلامى ليبسط حماه عليه، رغم أنه وحش يرغب فى ابتلاع الدول الاسلامية كلها ويحولها إلى حديقة الخلافة العثمانية الخاصة به.

ويُوهم أردوغان العالم الإسلامى بأنه حريص على مصالح دوله وشعوبه، ويتدخل بشكل مُسيء فى شئون الكثير من دوله حرصاً على تعزيز نفوذ تنظيم الإخوان المسلمين التابع له. ودأب أردوغان على التصرف بدون أدنى معايير دبلوماسية فى علاقاته مع الدول العربية، مُثيرا بشكل دائم عواصف من ردود الفعل المُنتقدة له بالقول والفعل، حيث يُحاول فى كل فرصة تُتاح له أن يُظهر زعامته المُفترضة للعالم الإسلامى وتسجيل بعض النقاط داخلياً بعد أن بدأت مكانة حزب العدالة والتنمية الإسلامى الذى يرأسه بالانهيار فى العامين الأخيرين. ودوما يثير البلبلة ويلمع صورته على حساب تشويه الآخرين، ويدعم حركات متأسلمة على غرار الإخوان المسلمين وحماس والفصائل الإرهابية فى سوريا؛ ويقرن ذلك دوما بممارسة الحرب الكلامية مع إسرائيل، دون نتيجة فعلية على أرض الواقع، لأن التصعيد مع إسرائيل واستضافة اجتماعات إسلامية رفيعة المستوى، يزيد رصيد أردوغان مع المتأسلمين، وهو بأمس الحاجة لذلك بين أنصاره.

 وكثيرا ما يعبرعن فخره بدفاع بلاده على القضية الفلسطينية فى كافة المحافل الدولية، وأن قضية القدس بالنسبة إليه ليست كأى قضية جيوسياسية، مدعيا أن البلدة القديمة التى هى قلب القدس بمظهرها وأسوارها وأسواقها ومبانيها الحالية إنما بُنيت على يد السلطان سليمان القانوني. وأن  أجداده أعطوا لهذه المدينة اهتماما خاصا وعمروها واحترموها على مر العصور، ويتمادى فى أكاذيبه بأنه يمكن العثور حتى الآن على آثار المقاومة العثمانية فى هذه المدينة التى اضطرروا لمغادرتها بعيون دامعة إبان الحرب العالمية الأولى.

ويعتمد الكثير من هذا على تفسير أردوغان المُختل للتاريخ العثمانى الذى يرى أن جميع الأراضى ازدهرت تحت حكم الأتراك العثمانيين؛ رغم أن كل الدول التى كانت خاضعة للإمبراطورية، من مسلمين وغير مسلمين، ترى الأمر من زوايا مختلفة. ويزرع أردوغان تديّنه الخاصّ به لوضع الإسلام فى قلب الأجندة المحلّية لتركيا، وعملية تحويل الكنائس إلى مساجد هى الرّمز الأخير الأكثر فعالية فى الدّلالة على ذلك، وهذا يمثّل منطقاً سياسيّاً للمنافسة الصفرية التى تضع تركيا فى مواجهة كلّ من مصر والسّعودية وإيران فيما يخصّ السّيطرة فى المنطقة والقيادة الإسلامية العالمية.

وكل يوم نكتشف بارانويا الخلافة الاردوغانية؛ فهو لم يجرؤ على إطلاق رصاصة واحدة لتحرير ما يقول إنها المُقدّسات الإسلامية، وفيما عُدوانه العسكرى مُستمر ضدّ السوريين والعراقيين والليبيين وغيرهم، ويواصل إطلاق التهديدات الوهمية ضدّ إسرائيل التى تجذب بالفعل مؤيدى تنظيم الإخوان المسلمين المُصنّف إرهابياً فى معظم الدول العربية، بل إن الجميع يعلم أنّ تركيا ترغب تطوير التحالف مع إسرائيل؛ فى كافة المجالات بمؤسساتها السياسية والعسكرية والاقتصادية كافة. والتحالف التركي- الإسرائيلي، موجود بالفعل ومستمر، ولم يتعرّض يوماً ما لأيّ خطر، لم ينقطع أبداً فى ظلّ أردوغان، بل إنّه يتنامى يوماً بعد آخر بأسلوب مختلف وآليات مُتجدّدة،  بل لا يتوقف نشاط سفارة وقنصلية إسرائيل فى كلّ من أنقرة واسطنبول، عن تنظيم ندوات ومؤتمرات لتعزيز العلاقات الثنائية بين تل أبيب وأنقرة، بإشراف من منتديات المجتمع المدنى الإسرائيلى التركي، ودعم غير مباشر من حزب أردوغان خلف الستار؛ بل كانت هناك أكثر من 15 رحلة يومياً من تل أبيب إلى إسطنبول، كان يتم تنظيمها قبل بدء أزمة فيروس كورونا.