رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من طرائف ما يروى من قصص عن فلاسفة المدرسة الرواقية القديمة التى كانت  أهم المدارس الفلسفية القديمة بعد أرسطو وكان من بين زعمائها العبد ابكتيتوس والوزير سينكا والامبراطور ماركوس أوريليوس، قصة الفيلسوف بريسكوس هلفيديوس الذى كان من بين من عينهم الامبرطور كأعضاء فى مجلس الشيوخ وكان مشهودا لفلاسفة الرواقية بالحكمة وبالجرأة الشديدة فى الحق وبالحرص الشديد على أداء الواجب. وذات مرة عرض على المجلس موضوعا كان للرواقى فيه على ما يبدو رأي مختلف عن رأى الامبراطور فأرسل إليه الامبراطور رسالة قال له فيها: لا تحضر الجلسة القادمة، فرد عليه الفيلسوف قائلا: كان بامكانك أيها الامبراطور ألا تجعلنى عضوا بالمجلس وطالما أنا عضو فيه فمن واجبى أن أحضر الجلسات، فأرسل إليه الامبراطور برسالة أخرى قائلا: فلتحضر لكن لا تبدى رأيا، فرد الرواقى قائلا: لا تسألونى الرأى وأنا أصمت! وبالطبع فهم الامبراطور مدى إصرار الفيسلوف على ابداء الرأى فى كل ما يطرح من موضوعات، فأرسل إليه برسالة أخيرة قال له فيها: إن قلته سأقتلك!، وكان الرد النهائى للفيلسوف الرواقى: ومتى قلت إنى خالد.. أنت تؤدى دورك وأنا أؤدى واجبى!!

وخلاصة القصة، إن الرواقى مؤمن بالقضاء والقدر وبأن على الجميع أن يؤدى دوره القدرى المرسوم له، لكنه ميز هنا بين أداء الدور بشكل سلبى وبين أدائه وفق مبدأ الواجب الذى كان من أهم المبادئ الرواقية، فإن كان القدر قد حدد لك دورا ووظيفة ستؤديها  فى الحياة فيجب أن تؤديها بأمانة واتقان!!

وبعيدا عن المغزى الفلسفى للقصة فإن ما نلاحظه منها على الصعيد السياسى أن الامبراطور الرومانى بطل هذه القصة لم يتجاهل تعيين الفلاسفة فى المجلس رغم معرفته بجرأتهم فى الحق، فلا صلاح لدولة لا يوجد دور فيها للفلاسفة فهم رأس الحكمة وصناع الرأى وهم الأقدر دوما على ادارة الحوار للوصول إلى الحقيقة واليقين بموضوعية  ودون تعصب. ومن جانب آخر فإن العضو الذى عين فى المجلس لم يجامل أو ينافق الامبراطور الذى عينه فى المجلس، فالمصلحة العامة وأداء الواجب مبدآن جعلاه يصر على ابداء رأيه فى الموضوع المطروح للمناقشة رغم أنه هدد بالقتل من فبل رأس الدولة، فقد كان الرواقيون يؤمنون بأن الحياة تعاش مرة واحدة وأن على الانسان أن يحيا وفقا لطبيعته العاقلة ويتصرف وفقا لما يمليه عليه عقله الواعى وضميره اليقظ ووفقا للمصالح العليا لدولته.

كان ذلك فى عصر الاستبداد الرومانى ابان حكم الأباطرة، فماذا عنا اليوم ونحن فى عصر ديمقراطية القرن الحادى والعشرين، سدت فيه بالفعل المنافذ لوجود أجيال سياسية جديدة بعيدا عن الوجوه القديمة التى أكلت ولاتزال على كل الموائد، إذ يخطط فيه الساسة وزعماء الأحزاب وأصحاب الحظوة والمناصب لبقاء الوضع على ما هو عليه ولكيفية السيطرة على المجالس النيابية فيقيمون التكتلات الحزبية التى تضمن لهم ذلك ويساندهم فى ذلك رأس المال وأصحاب المصالح الاقتصادية الكبرى ليصبح التشريع والقوانين لصالح الرأسماليين ومحققة لمصالحهم ضاربين عرض الحائط بأنين الطبقات الفقيرة وبصيحات الطبقة الوسطى التى لم تعد وسطى ولم تعد قادرة حتى على الوفاء بالتزاماتها الأساسية. ولولا الظروف التى نحياها والارهاب الذى نواجهه الذى جعل المصريين متمسكين بقيادتهم السياسية وبحكومتهم الفتية  التى تعمل ليل نهار وبلا كلل لإعادة بناء الدولة واستكمال مرافقها الحيوية ومشروعاتها القومية لنجح أعداء الدولة والوطن قى ضرب استقرار دولتنا نتيجة لما  يفعله أصحاب المصلحة فى البقاء فى مراكزهم وتدوير صفوتهم المختارة فى كل اتجاه!!

إن حياتنا السياسية والاجتماعية تحتاج لاعادة نظر لتتطور بشكل أكثر ديمقراطية، والديمقراطية الحقيقية قرينة تحقيق القدر الأكبر من العدالة والمساواة، وكم فى حياتنا من أمور تحتاج إلى تشريعات وقرارات سريعة فقد أصبح الاصلاح الوظيفى وزيادة رواتب الموظفين بكافة فئاتهم وأشكالهم ضرورة حتمية لمواجهة متطلبات الحياة الضرورية.  وأعتقد مخلصا أن الحل ليس فى اعطاء المعونات وبرامج المساعدة والدعم بل الحل ينبغى أن يكون شاملا باجراء اصلاح هيكلى للرواتب على أسس عادلة تحقق العدالة والرضا الوظيفى للجميع، كما أن الفلاح المصرى يحتاج لتقييم جهوده وانتاجيته الزراعية تقييما عادلا وأن نعيد إليه احترامه وتقديره بعد أن ألغيت نسبة العمال والفلاحين فى المجالس النيابية، فالأهم هو أن نرى ممثلين جادين لهم أو معبرين عن مطالبهم العادلة.

إننا نبدأ عصرا سياسيا جديدا ونبنى - كما يقول الرئيس دائما - دولة عصرية.. ولا تبنى الدول إلا بالمشاركة السياسية الواسعة وتداول السلطة وبأن يحس كل مواطن أنه يحصل على حقوقه كاملة من دولته. وقد آن الأوان أن نحقق كل ذلك بالنظرة العادلة لحقوق مواطنينا واعلاء كرامتهم الانسانية والحفاظ عليها.