عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

من الشخصيات التى التقى بها الولد الشقى السعدنى الكبير رجل عروبي يشغل منصباً رفيعاً للغاية فى دولة الإمارات العربية المتحدة وهو السيد على الشرفا الذى رأس ديوان الرئاسة لأحد أعظم عشاق المحروسة فى كل تاريخها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.. كان الشيخ على الشرفا يحب مصر بالفعل وليس بالقول.. فقد فتح مكتبه على الدوام لكل العابرين والمقيمين من أهل مصر فى دولة الإمارات العربية المتحدة.. وكان هو السند لكل من وقع عليه ظلم وكان هو المنجى لكل من وقع فى مشكلة.. وعندما حان الوقت لكى يستريح الفارس بعد أن أدى واجبه على الوجه الأكمل فى هذا المنصب الأرفع توجه إلى المحروسة قاصداً التملك فيها.. وبالفعل وفى ناحية مصر الجديدة اختار محلاً للسكن هناك، ولم يكتف بذلك لكنه اتجه إلى مصر أيضاً عندما راودته الأحلام فى امتلاك مزرعة صغيرة ولم يكن للشيخ على الشرفا أية ممتلكات خارج البلدين اللذين أصبحا هما الوطن الحقيقى.. دولة الإمارات العربية.. وجمهورية مصر العربية.. أما بالنسبة لمشروعات هذا المحب الولهان بمصر.. فهو يمتلك أعماله الخاصة فى أبوظبى، وهنا ستجد أن النسبة الغالبة من العاملين هناك هم من أبناء مصر، وللشيخ على كتابات منها ما هو ينشر بشكل شهرى ومنها ما هو أسبوعى.. وستجد أن الهم الأكبر لهذا المحب للمحروسة لا يخرج من هموم مصر والمؤامرات التى تحيط بمصر من كل صوب وحدب، والشيخ على الشرفا يقف فى موضع رأس الحربة لمحاربة هؤلاء الخارجين من الانتماء للوطن من الإخوان المتأسلمين، ويوجه مداد قلمه إلى أفكارهم المسمومة.. ولا يجرؤ أحد من هؤلاء على الرد أو المواجهة.. ذلك لأن الشيخ على الشرفا يرى أنه إذا كان هناك تفسير خاطئ للنص القرآنى.. فإن هذا التفسير يتحمله من فسره وليس النص الذى هبط من السماء على أشرف خلق الله، وكنت أتمنى أن نعيد فى أى مطبوعة مصرية مقالات الشيخ على الشرفا التى تفيض حباً لمصر ولأهلها ولقيادتها وذلك أقل رد للجميل للرجل الذى يشارك كل الخيرين والطيبين من أبناء هذه الأمة الذين يعلمون قدر مصر وإسهامات مصر فى الشأن العربى وتضحيات مصر على مر الزمن من أجل رفعة شأن العرب ومكانتهم والدفاع عن قضايا هذه الأمة، ولله الحمد هؤلاء هم الأغلبية الطاغية فى كل أنحاء أمة العرب من محيطها إلى خليجها.. ولعلنى وأنا أتصفح هذا المجال الحيوى الذى أصبح يضم العرب أجمعين وهو الفيسبوك، وجدت أمامى نماذج مشرفة لأهالينا فى المغرب العربى بأسره، المغرب والجزائر وتونس والغالية التى تئن من نزيف ثرواتها ونزيف دماء أبنائها ليبيا.. مروراً بالقطر العربى القريب من سويداء القلب سوريا العزيزة الغالية شريكة كل انتصار عربى وإسلامى عبر التاريخ، والعراق الشامخ الذى أتمنى أن يعود إلى سابق عهده.. والسعودية والإمارات والكويت رغم وجود سيدة فى البرلمان تذكرنى بسكسكة الخير، وقد أطلقت عليها سكسكة الخليج العربى، أقول إن هناك النسبة الغالبة من الأشقاء العرب بخير ولله الحمد ولا يزال الشعور العربى العام فى المكانة التى عهدناها منذ قديم الأزل، ولعل ما أدهشنى فى هذا أبرز ما كتبه الأشقاء فى لبنان قبل حادث المرفأ وكانت أعلى درجات العشق لمصر مصدرها فتاة لبنانية صورتها تزينت بالعلمين المصرى واللبنانى.. وهى دائمة الدعاء للمحروسة بأن يحفظها المولى.. وبلغت بها درجة الحماس أن جاءت ذات يوم ومن خلال صفحتها على الفيسبوك تدعو الله عز وجل أن يرزق لبنان بالسيسى حتى ينتشل هذا البلد من حالة الانقسام والتمزق والفرقة.. ويا سبحان الله ما هى إلا أسابيع قليلة وحدث هذا الانفجار الذى فجر كل الأوضاع فى لبنان، وكأن هذه الفتاة اللبنانية الجنسية المصرية الهوى أنعام شعيب قد رفعت الكارت الأصفر منذرة أهلها وبلدها بأن القادم مرعب، والحق أقول: لو أننى عددت أسماء هؤلاء المحبين لمصرنا.. قد تنتهى صفحات «الوفد» قبل أن أنتهى من الحصر، بارك الله فى أبناء هذه الأمة وحفظ الله بلاد العرب من كل مكروه.

<>

وأعود إلى رحلة المنفى، وأتذكر بالخير السيد نعيم حداد، عضو القيادة القومية لحزب البعث العربى الاشتراكى.. الرجل الذى كان بمثابة النموذج الشاذ الذى يثبت القاعدة.. أما القاعدة فكانت مع الأسف سيئة للغاية، فأغلب قيادات الحزب فى العراق ناصبت السعدنى العداء وكانوا يعملون ضده فى كل مجال ويكيدون له عند صدام حسين.. ما عدا هذا الرجل الفاضل الذى كان نسيجاً وحده، قال عنه السعدنى: لقد ذكرنى هذا السياسى والمسئول الكبير بعمنا أكرم الحوارنى فهو مخلص بالفعل للمبادئ التى يعتنقها وهو يعتبر نفسه مواطناً عربياً وجد نفسه فى موقع المسئولية الكبرى فخصص جهده ووقته من أجل تخفيف المعاناة عن كل السياسيين الذين ألقت بهم العواصف العاتية للسياسة فى بلادهم إلى حيث بلاد الرافدين.. وكان الدخول إلى العراق فى تلك الأيام لا يحتاج أى تأشيرة دخول.. بحجة أن كل أخ عربى أبى على العين والرأس.. ولكن آه لو حب نفس الأخ العربى الأبى أن يخرج من العراق.. فهناك تأشيرة اسمها الخروجية.. أى لابد من الحصول على تأشيرة لمغادرة العراق.. وكان البسطاء من العمال المصريين يذوقون مرارة المأساة من أجل الحصول على هذه التأشيرة، ذلك لأنك لو كنت تعمل فى أى مكان فعليك أولاً الحصول من صاحب العمل على شهادة حسن سير وسلوك.. وبراءة ذمة تشهد بأنك سددت للرجل ما عليك، وأن عهدتك سليمة ومضبوطة وتمام التمام.. وعندما علم السعدنى بهذا الأمر من مسئول عراقى كبير جداً وهو السيد طه يس رمضان.. عندما قال له: يا أخ محمود نحن البلد العربى الوحيد الذى فتح حدوده ومطاراته للمصريين بدون أى تأشيرة دخول.. ولكن عندنا فقط تأشيرة خروج.

ضحك السعدنى، وقال: ده فخ يا عمنا مش بلد.

وضحك السعدنى ولكن بمفرده، فقد ظل طه يس رمضان صامتاً ينظر للسعدنى وكأنه ارتكب جريمة كبرى فى حق العراق.. وكان السعدنى كلما تلونت الحياة باللون الآخر بفضل طه يس رمضان أو طارق عزيز.. كان البلسم المداوى للجراح هو السيد نعيم حداد وهو الرجل الوحيد الذى كان يملك نفوذاً لكنه لم يستخدم هذا النفوذ فى أى شىء سوى تسهيل الأمور بالنسبة لمريديه من السياسيين واللاجئين العرب الذين قصدوا بغداد، ولذلك فقد كان أن نجا هذا الرجل وحده من العقاب الأمريكى القاسى الذى لحق بجميع المسئولين فى الدولة والحزب فى العراق، فقد وضعوا ثمناً لكل مسئول بملايين الدولارات لمن يساعد على القبض عليه إلا هذا الرجل وحده لأنه لم يزج باسمه فى أى عملية سياسية من أى نوع ولا فى أى خلاف نشب بين أعضاء حزب البعث، وكان أخطره ما سمى بقضية المؤامرة الكبرى التى راح ضحيتها وزير التربية محجوب ووزير التخطيط عدنان حسين وهما من أقرب أعضاء القيادة والحزب للرئيس صدام، ولكن كان لهما رأى مختلف فى عملية انتقال السلطة من الرئيس أحمد حسن البكر إلى صدام حسين.

لقد رأى عدنان حسين فى ذلك الأمر فرصة ذهبية لكى يثبت حزب البعث العربى الاشتراكى أنه حزب جماهيرى يعتمد على قاعدة شعبية حقيقية، وأن على القيادة أن تلجأ للشعب فى تحقيق عملية الانتقال، يومها سيعطى العراق درساً ديمقراطياً سيكون مختلفاً ومتميزاً بالنسبة للحكام فى العالم العربى.

ولكن من قال إن الديمقراطية أو الشعب فى هذا الزمن يمكن لأى حاكم أن يقيم لهما وزناً أو اعتباراً.

وبعد هذا الخلاف اختفى نعيم حداد من الصورة تماماً ولم يعد يظهر كثيراً إلا فيما ندر واختار بعد سقوط بغداد الأردن ليكون محلاً مختاراً للإقامة.. وبالفعل عاش هناك آمناً مطمئناً حتى توفاه الله.. رحم الله الجميع.