رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

 

 

 

استدعى شهر أكتوبر الجارى الذكرى السابعة والأربعين لحرب السادس من أكتوبر 73، والتى أتذكر معها لقاءاتى مع الرئيس أنور السادات بطل الحرب والسلام. ففى أكتوبر 75 حزمت حقائبى وأتيت من لندن التى كنت أقيم بها وقتئذ خلال عملى مع هيئة الإذاعة البريطانية وذلك لإجراء لقاء مع الرئيس السادات لإذاعة البى بى سى. وفى مقر الرئاسة استقبلنى الرئيس برحابة صدر رغم مشاغله لا سيما أنه كان يستعد يومها للسفر خلال ساعات فى جولة تأخذه إلى كل من فرنسا وأمريكا وبريطانيا تلبية لدعوة من رؤساء هذه الدول. وعندما قدمت له ورقة الأسئلة التى أعددتها سلفا لكى يختار منها ما يروق له سارع فردها لى قائلا (سلى ما شئت ليس لدى تحفظات على ما قد تطرحينه من الأسئلة). إنه الرئيس السادات الذى لم تكن تحركاته يحكمها رد الفعل وإنما كانت تصدر عن رؤية استراتيجية عميقة، ولهذا كان من أكثر الزعماء العرب دقة فى قراءة المتغيرات العالمية.

يومها تحدث البطل السادات معى عن حرب أكتوبر بفخر واعتزاز، فهى الحرب التى أضفت على مصر والعرب وضعية خاصة حققت معها التضامن العربى وخرجت فيها الأمة العربية بصورة مشرفة. كان الرئيس السادات مسكونًا بفرحة النصر الذى تحقق وهو يقول لى:( إنها الحرب التى رفعت الروح المعنوية العربية، والتى حققت كل مراميها ويتصدرها إسقاط كل أهداف إسرائيل، فهى الحرب التى تحدت فيها مصر نظرية الأمن الاسرائيلى وأمكنها قهرها. وتحقق ذلك عندما حاربت سوريا جنبا إلى جنب مع مصر، وعندما تم استخدام النفط على نطاق واسع بمستوى أذهل العالم). ركز السادات فى حديثه معى على أهمية الحفاظ على العلاقات مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى من منطلق كونهما متفقين على أن إسرائيل أمر واقع، بل ويرفضان أى مس بوجودها كدولة وهو ما يصرح به كل منهما رسميا وعلنيا.

وعندما سألته عن احتمال قيامه بزيارة الاتحاد السوفييتى حتى قبل أن تتم زيارة «برجنيف» لمصر، وهى الزيارة التى كانت مقررة ولكنها لم تتم لأسباب غير معروفة. لم يخف السادات غضبه وقال: (أنا لا أدرى الأسباب التى من أجلها لم يأت برجنيف إلى مصر بعدما تحدد يوم زيارته بالفعل.. قيل إنه مريض ولكنه شفى بعدها وذهب لمؤتمر هلسنكى وقام بزيارات أخرى فى دول شرق أوروبا. ولهذا أنا لا أدرى السبب فى عدم زيارته لنا. لهذا لن أزور الاتحاد السوفييتى قبل أن يزورنا، فلقد زرت الاتحاد السوفييتى أربع مرات فى أقل من عام، والآن جاء الدور عليه، فالمفروض أن يرد الأربع زيارات).

وأردف الرئيس السادات قائلا:(كان هناك أمل بأن يتم تدعيم العلاقات الودية بين البلدين وإعادة التعاون العسكرى والاقتصادى إلى سابق عهده ولكن هناك حدًّا تقف عنده كرامتنا. صحيح نحن شعب بسيط وصادق ومتسامح ولكن نحن لا نقبل أن نعامل معاملة الأقل. نحن نتمسك بمعاملة الند للند). إنه السادات الذى سجل بمواقفه نماذج بطولية فى الإباء والشمم والاستقلالية. كان الأكثر جرأة وواقعية فى التعامل مع قضايا المنطقة، ويكفيه فخرا أنه قاد مصر إلى أول انتصار عسكرى ضد الكيان الصهيونى الغاصب. كان السادات ومضة ضوء وينبوع إرادة فولاذية ومعين حياة لا ينضب. رحم الله الرئيس السادات بطل الحرب والسلام.. وللحديث بقية.