رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

 

قامت الدنيا ولم تقعد لأن مجلة عالم الكتاب التي تصدر عن هيئة الكتاب اختارت الروائي أحمد مراد موضوعا رئيسيا للعدد، ونشرت له صورة على الغلاف.

سُلت الخناجر، وانفتحت صنابير التخويف، ولعن البعض انحدار الزمن، ودُبجت المقالات، ورُصت التعليقات طعنا في الروائي، وقدحا في الكاتب سامح فايز رئيس تحرير المجلة، وهجوما على الدكتور زين عبد الهادي رئيس هيئة الكتاب نفسه.

فضح ما جرى تنمرا غريبا تجاه مراد، الذي طالما تعرض لحروب تشهير، ووصلات ردح غير مبررة، لا لشئ سوى لأنه قادر على الوصول إلى القراء، لافت لانتباههم، خاطف لشغف المقبلين على الثقافة بذكاء وجمال وسحر لغوي وإبداعي لا يُنكر.

لو كان سامح فايز قد وضع على غلاف المجلة صورة باولو كويلهو، أو أورهان باموق، أو أي مبدع أجنبي آخر لما تحرك أحد. لكنها الحساسية والكراهية لدى بعض المبدعين الذين لا يفرحون لنجاح أحدهم، فينسج خيالهم مؤامرات لا تنتهي لتبرير بزوغ نجم خارج شللهم أو فوز مبدع زميل بجائزة.

هي الغيرة. ربما. لكنها غيرة غير محمودة، لا تضيف شيئا، تحاول تكسير عظام متسابق مجتهد يسبقهم بذكاء.

لو كانوا ادخروا أوقاتهم للعمل، لو خلدوا إلى التفكير في جمال جديد، لو انشغلوا بكتابة إبداع ساحر يضعون فيه جل طاقاتهم، لو بحثوا عن فكرة، عبارة، أسلوب مستحدث، لاستعدنا الريادة الابداعية.

لقد أبان الموقف برمته عن نغمة سارية بين بعض المثقفين تفترض سطحية وتفاهة أي كاتب منتشر، وتتصور أن البيست سيللر بالضرورة يعبر عن فن ركيك لا يقارب الابداع ويرصون في تلك القائمة أسماء أخرى إلى جوار مراد مثل أحمد خالد توفيق، نبيل فاروق، عمر طاهر، ومحمد صادق وغيرهم.

صحيح أن الانتشار السريع ليس دليل جودة، وصحيح أن هناك فتافيت إبداع تلقى رواجا مجتمعيا في وقت ما، لكن من قال إن كل منتشر تافه، وكل ذائع ركيك!

مراد ليس سطحيا ولا ركيكا. قرأت كل ما كتبه. لغته ساحرة، تشويقه مقنع، حبكاته فذة، وقدرته على التصوير مدهشة. كذلك فإن تطوره لافت. في البدايات كان ساحرا في جرأته وتشويقه، ثم صار مُدهشا بأفكاره، والآن فقد أحدث تطورا لافتا في لغته. وهو جميل بتسويقه للثقافة عموما وقدرته على جر أجيال وأجيال نحو الثقافة، وأذكر أن إبراهيم عيسى قال لي يوما «إننا معشر الكتاب مدينون لأحمد مراد بجذب جمهور واسع من المصريين للقراءة».

والغريب في الأمر أن يخرج مثقفون كثر يُكررون أنهم لا يقرأون أعمال مراد ثم يصفونها بالسطحية. تخبرهم عن مبيعاته فيردون بسذاجة لا يُفترض صدورها عن مثقفين بأن وراءه أجهزة عليا تعمل على تسويقه. تقول لهم إن كانت العبرة بالجوائز، فقد حاز جوائز محلية وإقليمية لا يُفترض وصمها بالفساد، فيُمصمصون شفاههم حسرة، ويمدون خيوطًا خيالية لتأكيد شبهة تفصيل الجوائز عليه.

لقد ذكرتني الحكاية بحكاية أخرى نفرتني من يوسف إدريس رغم قيمته الإبداعية الفذة، ففي 1988 فاز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للأدب، وخرج يوسف إدريس بتصريحات في بعض الصحف مهونا من الجائزة ومُدعيا أن فوز «محفوظ» وراءه مؤامرة صهيونية، وأنه كان الأحق بالجائزة.

وطارت اتهامات إدريس في الهواء، وظل نجيب محفوظ نجيبا ومحفوظا إلى الأبد. وبقي الدرس الأهم: أن تبني خيرٌ من أن تهدم، وأن ترسم لوحة بديعة أفضل من أن تشطب لوحة قبيحة، أو تظنها قبيحة.

والله أعلم.

 

mailto:[email protected]