عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

«بعد إذنك يا أختى أدخل أحضر الفطار لسى الأفندى قبل ما ينزل شغله» قالتها الزوجة لجارتها من البلكون، بعد أن ودعت بدعواتها وعينيها أطفالها الثلاثة وهم يهرولون إلى مدرستهم، وفى صبيحة عيد الفطر، قدم إليها لفة وهو يقول بكلمات تقطر حنانا «تقبلى منى هدية بسيطة.. من زوج عجوز محب ليكى»، إنها لقطات من فيلم أبيض وأسود «أعز الحبايب» بطولة عمالقة الفن المحترم أمينة رزق وزكى رستم، فى الواقع عندما أجد وقت فراغ، أجدنى رغم عنى أحول «الروموت كنترول» إلى قناة «كلاسيك» لأعيش عبق ذكريات جيلى، وما قبل جيلى، جيل الأسرة المصرية المحترمة، التعامل الراقى الدافئ بين الزوجين والمطعم بطاعة الأولاد، فلا أم تعصى الأولاد على أبوهم لو حدث خلاف، ولا زوج ينتقم من زوجته وأولاده مع أى مشكلة حتى لو وصل للطلاق، الزوجة قانعة براتب الزوج أى كانت قيمته، تدبر أمرها وتدير الحياة دون تأفف، تتفنن فى طهى الطعام الشهى ولو «قرديحى»، فلا تكدر زوجها وتعايره بقلة الرزق، ولا تحول البيت إلى جحيم مهما عانت وأولادها من احتياج، لأنها قانعة وتعلم أولادها القناعة بالرزق والمقسوم.

الآن نسبة 70% من حالات الطلاق بسبب الظروف المادية، لعدم الرضى بالرزق المقسوم، للتطلع إلى ما فى يد الغير، لمخالفة كل القواعد الدينية والأخلاقية التى امرنا بها الله وامر بها الأزواج والزوجات، لأننا أورثنا الأولاد أن السعادة فى المادة، فى ملابس وأحذية «ماركة»، وهواتف استفزازية الثمن، ففقدت الأسرة المصرية معانى السعادة الحقيقية المستمدة من الحب والدفء واللمة والسند والاحترام المتبادل، كما لم يعد هناك حياء فى التعاملات، ولا رغبة فى العطاء والتضحية، وأصبحت علاقة أفراد الأسرة قائمة على «كام» و«بكام» سواء بين الزوجين أو بين الأبناء والأباء، وللأسف عندما تطغى المادية على الحياة، وتضيع الإنسانية وجوهر الروح بين هذه الماديات، وننسى الله والآخرة، يصبح كل شىء مباحاً ومتوقعاً، لأننا سمحنا للمادة بأن تقهر القيم، ولهثنا خلف القشور وأنماط الحياة الاستهلاكية، وغلب كل فرد مصلحته على مصلحة الأسرة أو المجتمع وفقدنا الإحساس بالغير، وأصبح كل شخص همه الوحيد إرضاء نفسه دون النظر أبدا إلى السعى لإرضاء غيره ممن فى أسرته.

ما يحدث فى المجتمع بل وداخل الأسر المصرية من مشكلات تصل إلى حد خيانة أحد الزوجين دون ضمير أو خوف من الله، وإلى حد القتل ببشاعة تفوق الوحوش، أو تخلى طرف عن مسئولياته وتجويع أولاده وقهر زوجته ليشبع شهواته ورغباته خارج أسرته، وإلى حد ظهور زنا المحارم، والى قصص جرائم مرعبة وغريبة عن مجتمعنا تزداد بشاعة يوم بعد يوم، علينا أن نعمل جميعا وقفة جادة مع النفس، وأمام ضمائرنا، وأمام الله، وندرك أن بعدنا عن جوهر الإيمان والدين أدى إلى ترك قيادة عقولنا وحياتنا للشيطان.

لذا أكرر ندائى بإنشاء هيئة وطنية للحفاظ على الأسرة، يلجأ إليها الأزوج لحل مشاكلهم قبل تفاقمها وتبحث أيضاً مشاكل الأبناء مع أباءهم،، وقبل وصولها للمحاكم أو انتهائها بالجرائم، خاصة مع عدم وجود حكم من أهله وحكم من أهلها لتفكك العائلات، وأن تضم الهيئة إخصائيين علم نفس واجتماع ورجال دين، وإخضاع الشباب والفتيات لدورات تدريبية على واجباتهم الزوجية وتجاه أسرتهم، وأن يقوم رجالات الدين بدورهم التوعوى المجتمعى ويبصروا أبناء المجتمع بأدوارهم داخل أسرهم بما يرضى الله، أن صحوة ضمير أصحاب الفن وصناع السينما لتقديم نماذج طيبة من الأسر المصرية السوية الطبيعية، أن يفيق الإعلام من الغيبوبة ويتوقف عن السطحية والتهميش، ويقوم بدوره فى تنمية الوعى الاجتماعى والأسرى، يا سادة على كل منا أن يبدأ إصلاح نفسه لإصلاح أسرته، عندها فقط ستتراجع تدريجا مشكلاتنا الأسرية، وستتراجع جرائم الخيانة والقتل وستتراجع معدلات الطلاق، فعندما تتفكك الأسرة، وتتلون علاقاتها بلون الدم، وتحتضن السجون أباء وأمهات وأبناء، لن ينفع مال ولا أى ماديات فى الحياة.

[email protected]