رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قامات .. وآهات

لقب بالمعلم العاشر,وكأنه امتداد للمعلم الأول أرسطو والمعلم الثانى الفارابي, فهو يتميز مثلهما بالمعرفة الواسعة وحب الجديد وعشق تقديمه للآخرين, عشقٌ دفعه الى أن يكتب عن نفسه فى «يوميات طالب بعثة 1965»، ما نصه: ''لو كنت روسو كنت كتبت للعبيد إنجيل حروفه نار وصحايفه بلون الدم الصبيب.. لو كنت بايرون كنت سليت سيف العدل والجهاد، ولا اغمده قبل ما أرى بعيني عملاق الظلم مضرج على سهول بريتوريا.. لو كنت شلي كنت غنيت مع الصبح ومليت الآفاق بأناشيد الخلاص·· لكن أنا ضعيف وروحي مكسورة وريشتي هزيلة ودمي مهدور في خدمة الأحرار"...لذا كانت قضية الحرية محورية فى فكره,حيث وصفها «بمعشوقته الحمراء» وكانت أعماله تصب من أجل تغيير الواقع، بالانحياز إلى قيم التقدم.

كان  لويس عوض يتردّد على صالون العقاد متأثراً بالنشأة الوفدية في أسرته، ومتابعة مقالاته في الأدب والسياسة، المنشورة في جريدة "البلاغ"، ومواجهة الطغيان السياسي وديكتاتورية الملكية، فتجلّى له العقاد "كهرقل الجبار الذي كان يسحق بهراوته الشهيرة الأفاعي".

جمعته الصدفة بسلامة موسى، ليتعرّف معه على الاشتراكية ويقرأ برنارد شو، والأدب الروسي وتاريخ مصر القديم، حتى انتهى به الحال، في الجامعة؛ حيث تعرّف إلى عميد الأدب العربي طه حسين، الذي ساعده في الحصول على البعثة إلى كامبريدج.

يملك صاحب "تاريخ الفكر المصري الحديث"، تجربة شعرية وحيدة، عرف بها من خلال ديوان "بلوتولاند"، أصدره عام 1947، الذي كان ثورياً على الأنماط التقليدية، المعروف بها نظم الشعر العمودي، ومضى في فضاء الشعر الحرّ الجديد، الذي سبق به صلاح عبد الصبور.

فى عام 1989 فجر الناقد لويس عوض قنبلة مدوية عندما أصدركتابه " أوراق العمر"الذى تضمن الجزء الأول من سيرته الذاتية اتسم بالراحة المطلقة ، و تعرى فيها تماما أمام المتلقى ،و تطرق إلى أفراد أسرته ، فشقيقاته أصابهن الأمراض و الجنون ، و شقيقه أستاذ الجامعة كان متوسط الذكاء لا يتمتع بالإبداع ، و يغار منه فى أعماق نفسه و يحسن إخفاء هذه الغيرة تحت قناع هدوئه ، و إنه مهما حاول فلن يصيبه ربع ما أصبت من تأثير فى المثقفين سواء بالقبول أو بالرفض .

 و لم تتوقف الاتهامات عند هذا الحد ، بل وصلت إلى وصفة بالجبن و الخوف من الأعداء و المجازفات, و سرعان ما نفذت طبعات الكتاب خلال أسابيع قليلة و مات لويس عوض و رفض الورثة إعادة طبع الكتاب مرة أخرى.

وعن كتاب (أوراق العمر) تلك القنبلة الأدبية فى نظر الكثير قال شقيقه الدكتور رمسيس عوض – فى حديث خاص لى- : هذا الكتاب من يصنفه تحت أدب الاعتراف فهو (مُغَفل) لأن الاعترافات كما اعرفها وأفهمها تكون على طريقة جان جاك روسو الذى نشر خطاياه الخاصة، ومن يتصفح أوراق العمر سيجد أنها (كوكتيل) من السياسة والاجتماع وتجريح الآخرين الذين هم أقرب الناس إليه، بالإضافة إلى التمجيد الشخصى والحديث عن الذات، والإشارة إلى خطيئة واحدة ارتكبها فى شبابه فهل هذا أدب اعتراف؟، ثم ماذا يعنى العنوان الفرعى (سنوات التكوين) هو يعنى الحديث عن النفس  فهل فعل هذا، مطلقا لقد تحدث عن الآخرين، عن العنف السياسي فى مصر، وريا وسكينة ومارجيت فهمى وهى كانت فضيحة مشهورة فى وقتها، فماذا عن نفسه وهل خاف من تعرية نفسه أمام المجتمع فقرر تعرية أهله. وعن وصف أحد النقاد (لأوراق العمر ) بأنها فتح جديد فى الأدب العربى قال عوض - أشير إلى حادثة واحدة وردت فيما يسمى بالفتح وهى أن لويس عوض امتحننى مع أستاذ إنجليزى وأراد ذلك الأستاذ أن يمنحنى تقديراً جيد جداً وأصر أخى أن يمنحنى جيد فقط مع أن قواعد الامتحانات المعمول بها فى مصر تمنع أن تكون لجنة الامتحانات ليس لها أقرباء من الطلبة من الدرجة الأولى والغريب أن هذه الحادثة لم تلفت نظر أى شخص حتى الآن.

وعن رأى أخيه المنشور فيه قال عوض - أولاً النقاد الأجانب وصفونى بأديب مُجد غزير الإنتاج، فكيف يتفق ذلك مع وصف لويس عوض، وأنا أتساءل بدورى لماذا حبس لويس عوض نفسه فى أفكاره ولم يضع فى اعتباره أن إنتاجى قد يكون أغزر من إنتاجه ويتجاوزه، لقد حبس تفكيره فى 15 كتاباً فقط ألفها قبل وفاته.

وعن تحليله لشخصية أخيه قال (عوض) كانت حياته مضطربة (بوهيمية)، وحاول الانتقاص من قدرى،، ومن الجائز أن تكون فترة الاعتقال أثرت فيه، خاصة أنه كان قبلها الأخ الأكبر المعلم الحنون وبعدها تحول إلى شخص آخر، عاش حياة عشوائية وتعرض لضغوط نفسية شديدة، ولكنه لم يقاوم ويكفى أنه أرغمنى على دخول قسم اللغة الإنجليزية بطريقة ديكتاتورية وأصر على ذلك وكنت أتمنى الالتحاق بقسم الصحافة أو الفلسفة، ونعت إخوته بصفات لا تليق والحمد لله انهم لم يقرأوا هذه الأوراق وخلاصة القول إنه ضحى بالكل خاصة أهله من أجل المجد الشخصى، مما يدل على انحراف التفكير، وللأسف وجد من يسانده من بقايا الشيوعيين، وليتهم شيوعيون حقيقيون، وبعض مسئولى النظام حتى وصل إلى مرحلة عالية من النرجسية يصعب معها أن يري غيره وللأسف أيضاً العقلية المصرية تحب أن تصنع أصناماً وتعبدها فى السياسة والثقافة.

وعن سلبيته فى مواجهة ما حدث قال: ما عسانى أفعل، أنا أستاذ جامعة مهمته البحث وتعليم الطلاب، أما هو فكان فى قلب الإعلام وأحد رجالاته، وأنا لا أراهن على الحاضر وإنما عينى على المستقبل.

و يؤكد رمسيس عوض أنه سامح أخاه ولم يعد فى قلبه شىء بعكس السنوات الأولى التى لم يتحمل فيها الصدمة و(طفش) من البلاد، فالتسامح كان صعباً بل مستحيلاً، وهو الآن يشفق عليه ويرثى لحاله ويشكره لأنه فجر بداخله طاقات التحدى والمقاومة والقدرة على إثبات الذات.

والخلاصة أن لويس عوض ألقى حجرا فى الماء الراكد ما زال تأثيره  ممتدا حتى بعد 30 عاما من رحيله .

[email protected]