رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

سواء أسفرت التحقيقات عن اتهام حركة النهضة- الفرع التونسى لجماعة الإخوان- بالمسئولية عن العمل الإرهابى فى مدينة سوسة السياحية الأسبوع الماضى، أو لم تسفر، فالمؤكد هو مسئوليتها عن تدفق هؤلاء الإرهابيين من داعش وإخوتها إلى الأراضى التونسية. هدف العملية، كما هى العادة، هو ضرب السياحة التى تعد إحدى ركائز الاقتصاد التونسى، وعرقلة خطوات الدولة والمجتمع نحو التنمية وإعادة البناء، وتصفية الحسابات مع الرئاسة التونسية التى تحسب تصريحاتها وتمسكها بتشكيل حكومة كفاءات دون محاصصات، تباعداً بينها وبين حركة النهضة، فيما الأخيرة تفقد كثيراً من نفوذها وتنحو نحو الانهيار. 

وقبل أسابيع أفلت راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان، من جلسة المساءلة البرلمانية التى استهدفت إسقاط عضويته ومن ثم رئاسته له إذ نجح التكتل الذى يقوده الحزب الدستورى الحر بقيادة عبير موسى مع حلفائها فى حشد تجمع نيابى للموافقة على مشروع قانون يسحب الثقة البرلمانية من الغنوشى، بسبب تجاوزه صلاحياته البرلمانية، واعتدائه على المهام التى ينيط الدستور برئيس الدولة ورئيس الحكومة القيام بها. لكن إفلاته من جلسة المساءلة أسفر عن حركة جديدة، نقلت المطالبة برحيله عن رئاسة البرلمان من داخل المجلس النيابى إلى الشارع. وحفلت منصات التواصل الاجتماعى بعرائض تدعو المواطنين للتوقيع عليها، وتؤيد حجب الثقة عنه ورحيله من البرلمان، وتطالب بمحاكمته على ثرائه غير المشروع والتربح من المال العام، والتآمر على أمن البلاد بسحب قرارها ليوضع فى يد الرئيس التركى. وغدت القضية بذلك أبعد مدى من مجرد الفصل بين السلطات والاختصاصات، ومن الاعتراض على تهنئة الغنوشى لزميله فى إخوان ليبيا السراج بانتصارت ميليشياته من مرتزقة الأتراك فى القاعدة وداعش على الجيش الوطنى الليبى، وزيارته السرية لتركيا، التى تعلى من حسابات موقعه الحزبى، على حساب الموقف الذى يحقق الصالح الوطنى العام، وهى القاعدة الأيديولوجية الثابتة لدى جماعة الإخوان فى كل عهد ومكان، أوليس الوطن مجرد «حفنة تراب نتنة» كما قال معلمهم «سيد قطب»؟! 

التحالف المدنى الذى يضم الاتحاد العام التونسى للشغل والنقابات والأحزاب والمنظمات الجماهيرية يواصل تصديه للنهضة ومخططها، دفاعاً عن القرار التونسى الوطنى المستقل، الذى تسعى حركة النهضة منذ هبوطها على تونس، قبل تسع سنوات، لتجنى ثمار ثورة لم تشارك فيها، لربطه بالتنظيم الدولى لجماعة الإخوان والعمل على نشر التطرف الدينى. فضلاً عن الغضب الشعبى من التدهور الاقتصادى والاجتماعى الذى وضع تونس فى حالة انتقالية منذ قيادة النهضة ومشاركتها فى كل الائتلافات الحكومية، والفشل الذريع فى إدارة القطاعات التنفيذية التى تولى أعضاؤها مسئوليتها، وكشف عن ضعف مستوى كوادرها فى إدارة شئون البلاد، ونجاحهم فقط فى زرع تلك الكوادر فى مؤسسات الدولة والحكم، وإقصاء كل صوت معارض، وقتله فى بعض الأحيان. ولا تزال قضية اتهام حركة النهضة باغتيال المعارضين التونسيين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى منظورة أمام القضاء منذ خمس سنوات. 

وجاءت الانقسامات التى جرت فى صفوف حركة النهضة مؤخراً لتعزز من ضعف مكانتها أمام أعضائها والجمهور العام، بخاصة بعد الاستقالات التى شملت قادة مؤسسين للحركة، وكبار مسئوليها، وبينهم نائب الحركة ومرشحها السابق للرئاسة عبدالفتاح مورو، والأمين العام لها حمادى الجبالى، فضلاً عن السخط الزائد وسط شباب الحركة بسبب اصطفاء رئيسها أقاربه ومؤيديه، وإبعاد معارضيه عن موقع السلطة والقرار. 

مستقبل إخوان تونس فى البقاء فى الساحة السياسية أو الرحيل عنها بعدما بات الإرهاب منسوباً إليهم بحكم التشدد الدينى الذى أشاعوه فى المجتمع، أصبح مرهوناً بقوة وتماسك التحالف المدنى المعارض لهم، وقدرته على المثابرة للوصول إلى أهدافه، هذا فضلاً عن أنه صار مسنوداً بالتدهور الحاد فى التنظيم الدولى للإخوان، بعد الضربات الموجعة التى تلقاها فى كل من مصر والسودان والجزائر.