عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا شك أن للجامعات دوراً مهماً فى المجتمع، ولهذا فإن رفعة شأنها يجعلها ترفع من شأن المجتمع، ولكى تصل هذه الجامعات إلى الدرجة التى نبغيها، يجب أن نعى أن المال يساعد كثيراً فى هذا المجال، صحيح أن ميزانية التعليم العالى تبلغ 24 ملياراً، وأن هذا المبلغ يقارب نصف ما يصرف على التعليم بأنواعه كلها، إلا أنه على ذلك لا يكفى ما هو مطلوب منه، فالجامعات العملاقة فى الخارج ينفق عليها الكثير، وجامعة كجامعة الملك سعود مثلاً فى السعودية ينفق عليها وحدها ما يقرب من 8٫5 مليار ريال (وليس جنيهاً) وفى الدول الأجنبية ينفق على الجامعات أكثر من هذا بكثير، فجامعة كجامعة «هارفارد» التى قيل إنها تعانى عجزاً فى ميزانيتها يبلغ أكثر من 30 مليار دولار، نجد أن هذا العجز لا يمثل إلا 1٪ من الهبات التى تحت أيديها، والتى وقت الحاجة يمكن اللجوء إليها لسد احتياجاتها، وليس هذا غريباً فالجامعة لا تنشأ لتكون منارة للمعرفة وحسب بل لتكون باعثة حضارة لما حولها، ولكى تكون باعثة حضارة يجب أن تفعل الكثير، ولكى تفعل الكثير، يجب أن يكون مع أساتذتها الأكفاء وإدارييها النشطاء، المال الذى يسمح لهم بالقيام بأدوارهم خير قيام.

فمثلاً من أهم الأدوار ألا تبقى الجامعات منعزلة، بل يجب أن تفتح وسائل اتصال بمن حولها لتعرف التقدم الموجود لتحتذى به، أو التأخر المستشرى الذى يستوجب مجابهته، وأكبر الدول تفعل ذلك، فبريطانيا نفسها فى أكتوبر الماضى سعت إلينا لتفعيل اتفاق بين جامعاتها وجامعاتنا، ومداومة الاتصال بيننا وبينهم، إذن فالاتصال واجب مهما تكلف من أموال حتى تصل رسالة الجامعة وما بها من علوم ومعارف إلى من حولها، وليكن هذا إلكترونياً حتى ولو غلا ثمنه، أو بالنشر والاطلاع فى المجلات العلمية مهما احتاجت لكثرة منها، أو بعقد المؤتمرات عندها وعند غيرها، مهما تكلفت الاستضافة والضيافة فى جامعاتها أو جامعات الدول من مختلف الأرجاء، ناهيك عن حيازة الكتب الصادرة فى مختلف الدول، وفى كافة الموضوعات مهما غلا ثمنها وفى هذا الشأن لا تستغرب إذا وجدنا بعض الجامعات، كما حدث فى إحدى جامعات «ويلز» الناشئة، حين بدأت عملها، فهذه الجامعة لم تلق بالاً أول ما تلقى إلا إلى مكتباتها، فحشدت من أجل ذلك الكتب الكثيرة حتى إنها جلبت ثم وضعت فيها ما لا يقل عن 800 ألف كتاب، إلى جانب ما لا يقل عن 23 ألف مجلة إلكترونية.

ولكى تكمل الجامعات رسالتها يجب أن تفتح لها المعامل الحديثة بالآليات المتعددة والأغراض المتنوعة، وأن يجهز لها مراكز للبحوث عالية المستوى حتى تجد الطريق الأمثل لإصلاح ما حولها من إشكالات وإفسادات، فإذا كانت الطاقة ناقصة مثلاً سعت لإيجاد أيسر السبل لدعمها، وإذا كانت الصناعة واقفة عند حد لا يليق أجرت الأبحاث التى تجعلها أعلى مما هى فيه، وأن تصل إلى صناعة الثقيل منها كالطائرات والدبابات والسيارات، وبهذا يستغنى الناس عن احتياجها للدول الخارجية، وينأوا عن الوقوع تحت رحمتهم فى كل صغيرة وكبيرة.

ولكن ذلك كله فى ظل قواعد معروفة وأسس متينة ابتدعتها هيئات قومية وشركات متخصصة وأطلقت عليها مجملاً اسم «الجودة» هذه الجودة التى تقيّم بها الجامعات هذه الأيام، والتى تسعى كل جامعة إلى الحصول على أعلى الدرجات فيها مهما تكلف ذلك من مال وجهد، والتى يتم فيها التقدير حسب ما يقدم فيها من استراتيجيات ناجحة فى التدريس والبحوث، وما يكتنف أداؤها من دقة وكمال، فى جو حميد من الأخلاق العالية والسلوك الجيد الذى لا يحيد هنا أو هناك، كذلك يكون ذلك فى ظل هيمنة من أساتذة مكتفين بما يعطى لهم من رواتب، وإداريين يشهد لهم بالكفاءة، بل أكثر من ذلك فى ظل أشخاص آخرين يضافوا إليهم ممن يكونون من ذوى الخبرات المتعددة والعالية المستوى، وليكن هؤلاء الأشخاص من المحافظة نفسها، ممن يشهد لهم الخبرة فى الشئون العامة، إلى جانب رجال أعمال معروف عنهم النجاح الفريد فى عملهم، فهكذا تكون الصورة مكتملة ومشيرة لوجود إدارة لا ينقصها ركن من الأركان مهما تكلف ذلك من أموال ورواتب.

من هنا كانت زيادة المال من لزوميات الجامعة المفيدة لطلبتها ولمن حولها من ناس، ولا يعتقد البعض والحال هذه أن المجانية الحالية فى التعليم الجامعى يسمح بهذه المتطلبات، ولا ميزانية الدولة تسمح بها هى الأخرى، فلتكن الخطوة الجريئة لفرض الرسوم على الدارسين إذن جاهزة، خاصة على القادمين من خارج مصر، وإذا لم تكف الرسوم فلا مانع من فتح مجالات اقتصادية مع الشركات فتقدم إليها ما تتوصل إليه من أفكار تستحدث بها الآلات التى تستخدمها أو تتخلص فيها من المخلفات التى عندها غذائية كانت أو كيميائية، وطبعاً كل هذا لن يكون ميسوراً إلا إذا فتحت الجامعات مزيداً من الاستقلالية تنطلق فيها بحرية تستطيع أن تتصرف كل جامعة بها حسب ما تعيش فيه من أجواء.

الأستاذ بطب بنها