رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الاتفاق الأخير بين الامارات واسرائيل يجب النظر اليه من نواح عديدة، منها الرد على وسائل الإعلام التي يديرها الديموقراطيون والعَوْلَمانيون، ويشيرون فيها جميعا إلى أنّ ترامب غير مؤهل لإدارة دولة عظمى كأمريكا، وأنّه فشل فى ادارة الملفات الخارجية الى جانب أنه يشجع على أعمال الشغب.

وإلى جانب أن ترامب يريد أن يؤكد أنه فى الوقت الذى لايرى سوى أمريكا فأنه يحاول بقوة مساعدة حليفتها الاولى فى الشرق الاوسط ؛ فالجميع يعلم أنه يفضل العمل على الداخل أكثر من الخارج؛ وظهر هذا واضحا منذ خطابه الافتتاحي، الذي ألقاه من على درج مبنى الكابيتول، وقدّم ترامب سرداً قاتماً لسجلّ الولايات المتحدة قائلا : «على مدى عقود عديدة، أثرينا الصناعة الأجنبية على حساب الصناعة الأمريكية، ودعمنا جيوش البلدان الأخرى مع السماح بالنضوب المحزن جداً لجيشنا. لقد دافعنا عن حدود الأمم الأخرى، بينما رفضنا الدفاع عن حدودنا. وأنفقت تريليونات وتريليونات الدولارات في الخارج، في حين أنّ البنية التحتية في أمريكا قد سقطت في حالة يرثى لها، لقد جعلنا بلداناً أخرى غنية، في حين أنّ ثروة بلدنا وقوّتها وثقتها قد تبدّدت في الأفق من هذا اليوم فصاعداً، ستكون أمريكا فقط أوّلاً».

ومؤخرا وفي كلية «ويست بوينت» في بداية 2020، عاد وطبّق منطقاً مماثلاً لاستخدام القوّة العسكرية قائلا : «نحن نستعيد المبادئ الأساسية التي مفادها أنّ مهمّة الجندي الأمريكي ليست إعادة بناء الدول الأجنبية، بل الدفاع عن أمّتنا والدفاع عنها بقوّة من الأعداء الأجانب. إننا ننهي عصر الحروب التي لا نهاية لها. وفي مكانها هناك تركيز متجدّد وواضح على الدفاع عن المصالح الحيوية لأمريكا، ليس من واجب القوات الأمريكية حلّ الصراعات القديمة في الأراضي البعيدة التي لم يسمع بها الكثير من الناس حتى. نحن لسنا رجال شرطة العالم.»

ترامب فعل ذلك الأتفاق بينما مازال مصرا أن السياسة الخارجية هي في الغالب إلهاء مكلف؛ وأن الولايات المتحدة تفعل الكثير في الخارج وكانت أسوأ حالاً في الداخل بسبب ذلك؛ من تدمير التجارة والهجرة الوظائف والمجتمعات المحلية؛ فهو مازال يرى أن تكاليف الزعامة الأمريكية تفوق الفوائد إلى حدٍّ كبير ؛ بينما رعاية حالة التطبيع الجديدة لن تكلف أمريكا شيئا ؛ وبذلك حاول ترامب أحداث توازن بين ارضاء اللوبى اليهودى الذى أشعل الدنيا داخليا ضده؛ وبين تكملة رؤيته للعالم، وتُصوَّر التجارة على أنها سلبية ساعدت الصين على الاستفادة من الولايات المتحدة، بدلاً من أن تكون مصدراً للعديد من الوظائف الجيدة الموجّهة نحو التصدير، والمزيد من الخيارات إلى جانب انخفاض التكاليف بالنسبة إلى المستهلك الأمريكي، وانخفاض معدلات التضخم في الداخل.

ترامب يريد أن يقول بأنه من الممكن أنه يفعل ماعجز عنه الاخرون فى وقت قياسى بدون اراقة دماء الامريكان؛ ولا استغلال لأحداث كما فعل بوش بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 ا، حينما أرسل الرئيس جورج دبليو بوش أعداداً كبيرة من القوات إلى أفغانستان والعراق، وكلتاهما من الحروب غير الحكيمة (العراق منذ البداية، أفغانستان على مرّ الزمن)، حيث كانت التكاليف البشرية والاقتصادية تتضاءل مع أيّ فوائد ؛واستكملت التدخلات المكلفة فى سنوات أوباما.

ترامب يريد إثبات أنه قادر على الدخول فى إتفاقيات عالمية جديدة ؛وأنه ليس عاشقا للانسحاب أو التهديد بالانسحاب من الالتزامات المتعددة الأطراف، واتفاق باريس للمناخ، والاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة)، ومعاهدة القوات النووية المتوسطة المدى، واليونسكو، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، ومعاهدة الأجواء المفتوحة.

إنه يريد التأكيد على أنه كان محقا عندما كان حذراً إلى حدٍّ كبير من التشابكات العسكرية الجديدة؛ وان استخدامه للقوة ضدّ سوريا وإيران قصير ومحدود في نطاقه، فما أحدثه بهذا التطبيع سيفعل ماكان يريده وأكثر؛ والأهم من ذلك إثبات أنّ الفلسطينيين أضعف من أن يقاوموا، وأنّ الحكومات العربية تنظر في الاتجاه الآخر، نظراً لرغبتها في العمل مع إسرائيل ضدّ إيران.

وفى نفس الوقت يرى ترامب أن التطبيع بين الامارات واسرائيل صفعة أخرى لإيران ورد عملى على الاستهزاء بالحدود المفروضة على برامجها النووية التي وضعتها «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وتدخلها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، ومحاولة إعادة تشكيل جزء كبير من الشرق الأوسط.