رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بوضوح

عندما قالوا للرئيس الراحل محمد أنور السادات إن إثيوبيا شرعت في بناء سد علي النيل، أرسل للرئيس الإثيوبي يسأله عن حقيقة هذا الأمر، فجاءه الرد أن هذا غير حقيقي وأن لا سدود لديهم، فأرسل إلي أمريكا يستفسر عما يحدث وما حقيقة هذا السد، فكانت الإجابة بعد عدة أيام أنهم تحروا الأمر ولا سدود نهائياً في إثيوبيا.

وما إن استلم السادات الرد حتي تم تجهيز عدة مقاتلات مصرية لا علامات ولا أي هوية عليها وقامت بقصف السد الذي شرعت إثيوبيا في بنائه ودكته وسوته بالأرض تماماً وعادت إلي قواعدها في مصر سليمة.

وطبعاً قامت الدنيا وتقدمت إثيوبيا باحتجاج رسمي إلي الأمم المتحدة وإلي الولايات المتحدة، فأرسلت الأمم المتحدة إلي السادات كيف يعتدي علي إثيوبيا ويضرب السد، فماذا كان رد السادات؟

أرسل لهم نسخة من المكاتبات بينه وبين إثيوبيا والولايات المتحدة وقال في رده علي الأمم المتحدة: «كيف أضرب شيئاً لا وجود له»!

فصمت العالم كله ولم يجرؤ أحد علي توجيه أي اتهام له.. فقد كان رحمه الله داهية سياسية يخشاه الجميع.

تذكرت هذا الموقف وأنا أتابع تطورات الأمر مع سد النهضة الذي أوشكت إثيوبيا علي الانتهاء منه، وكيف أنها رفضت حتي طلب مصر زيادة عدد فتحات السد بمنتهي الصلف والعنجهية.

واستمر شريط الذكريات عما كان يفعله السادات، فتذكرت كيف يذكر المؤرخون موقفه عندما تطاول الرئيس الراحل معمر القذافي علي مصر، وكان الرد أنه استيقظ يوماً علي فريق كوماندوز مصري يضع له ورقة في جيبه وهو في مقر رئاسته تتضمن رسالة من الرئيس السادات رحمه الله فحواها أن من يستطيع الوصول إليه في عقر داره بهذه السهولة، يستطيع أن يحمله ويجيء به إلي مصر بسهولة أكبر!

وتذكرت أيضاً مقولته الشهيرة: «دا أنا أبعت لك شوية من ولادي الشبراوية يجيبوك لغاية عندي».

وحكي لي أحد المصادر الأمنية السابقة كيف وقف السادات بجانب أحد الحكام العرب عندما وصلته أنباء عن وجود انقلاب في بلده علي يد أحد أفراد أسرته  ليستولي علي الحكم، وهو مع السادات في أحد المؤتمرات العالمية وطلب من السادات مساعدته وإنقاذه، فما كان من السادات إلا أن أرسل للقادة في مصر وتم وضع خطة خلال ساعات قامت خلالها القوات المصرية بإحضار قائد الانقلاب نفسه، وعاد الحاكم لبلده منتصراً وظل يحمل لمصر هذا الجميل الذي لا يقدر علي فعله سواها.. وللأسف هو نفس الموقف الذي فشل في تنفيذه الرئيس السابق مبارك عندما لجأ إليه أحد الحكام العرب لإنقاذه من انقلاب في بلده علي يد أحد أفراد عائلته، وأعطي أمراً بتنفيذ خطة مشابهة تماماً لخطة السادات، ولكن كان الرفض من القادة العسكريين نهائياً لخطورة تنفيذها مرة أخري لاختلاف الظروف والاستعدادات العسكرية لهذه الدولة، إلا أنه أصر علي موقفه وأمر بالتنفيذ علي مسئوليته.. وكانت النتيجة فشل الخطة فشلاً ذريعاً وخسارة مصر عدداً غير قليل من خيرة طياريها، وخلق موقف عدائي وكراهية لمصر من هذه الدولة وقد تكون هذه الكراهية وهذا الموقف سبباً أساسياً لمواقف هذه الدولة من مصر حتي الآن، رغم العلاقات الجيدة الظاهرة علي المستوي الدبلوماسي التي باتت متواجدة حالياً!

تذكرت هذه المواقف وأنا أتابع تطورات مفاوضات سد النهضة وردود أفعال الأطراف.. فالتاريخ خير حكم علي الحكام وهو حكم لا يظلم، فقط إذا وجد من ينقله دون تحريف ولا أغراض شخصية.. وتاريخ مصر شاهد علي قوتها ومكانتها ورجالها الذين صنعوا هذا التاريخ!

 

 

[email protected]