عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

تحدثنا فى الأسبوع الماضى عن مقال تحت عنوان «كورونا وتجار الأزمات».. وتحدثنا فيه عن سلوكيات وعادات سيئة، انتشرت بين البعض منذ اجتياح الوباء لدول العالم بأجمعه، وتحدثنا أيضًا عن احتكار الأدوية والأجهزة والأطعمة بعد أن عم البلاء ديارنا المصرية، وذكرنا أمثلة كثيرة عن هذه السلوكيات وعن أصحابها الذين تاجروا وتربحوا على حساب حياة الآخرين.

واليوم نتحدث عن الندم والحسرات التى تلاحق البعض حتى الممات، بسبب أنانية زائدة ونذالة لا حصر لها وخوف فى غير محله، وهناك بعض القصص المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعى، والتى تجسد ما وصل إليه الشعب المصرى من تغير وانفصام طرأ على شخصيته أثناء هذه الأزمة والتى لم تصل إلى هذا القدر من السوء فى العهود السابقة،

فعلى سبيل المثال نجد أهالى إحدى قرى محافظات الوجه البحرى يرفضون دفن ابنتهم الطبيبة، التى ماتت متأثرة بفيروس كورونا خوفًا من العدوى، وعندما توجهوا بها إلى قرية زوجها رفضت قريته أيضًا استقبال جثمانها، ولولا تدخل الأجهزة الأمنية ما وجد أبناؤها قبرًا يضعون فيه جثمان والدتهم الطبيبة، التى كانت كل جريمتها أنها ضحت بنفسها لإنقاذ غيرها.

نفس الأمر تكرر مع الكثير من الأهالى الذين تركوا جثث ذويهم فى ثلاجات المستشفيات عدة أيام، خوفًا على حياتهم لجهلهم ببعض الأمور الخاصة بالغسل والتكفين وهناك عائلات ثرية طلبت من مكاتب (الحانوتية) بأن تتولى الأمر بالكامل دون حضورهم مقابل مبلغ مالى وصل فى بعض الأحيان إلى عشرة آلاف جنيه، حتى مكان الدفن أيضًا تركوه للحانوتى مقابل مبلغ آخر.

وعلى النقيض من هذا الأمر توفت سيدة مسنة بمرض الكورونا بأحد مستشفيات محافظة الجيزة، وكانت ترفع الحرج عن أهل قريتها فى تغسيل نسائهن المصابات بمرض الكورونا، وبعد موتها تظاهر أهل بلدها أمام المستشفى لسرعة إنهاء إجراءات الدفن وتغسيلها وتكفينها ودفنها فى مقابر القرية، رغم أن السيدة كانت وحيدة واعتبرت جميع القرية أهلها فردوا لها الجميل ودفنوها فى مقابرهم.

أعلم أن الحسرة والندم يتجرعهما الآن بعض العاقين، بعد أن رفضوا إلقاء النظرة الأخيرة على والدتهم خوفًا من العدوى، ومنهم من رفض الخروج لجنازة والده أو والدته بحجة أنه مريض وترك الأمر للأغراب الذين قاموا بعمل كل شىء تجاه المتوفى، أخذًا بقاعدة إكرام الميت دفنه.

‏ لم أنسَ مشهد ابنة تحتضن والدتها حتى الموت أمام أحد المستشفيات التى رفضت استقبالها، واكتفى المارة بالتقاط الصور لرفعها على مواقع التواصل الاجتماعى لتوثيق نذالة البعض وشهامة البعض الآخر... إنها الأزمة الكاشفة لكل ما تحمله النفس البشرية من أنانية وانتهازية أو شهامة وتضحيه، سينقشع ليل المرض وستشرق شمس الدفء والصحة وسيغرد فى سماء الأسوياء حمائم وبلابل المحبة، وسينعق فى سماء الأنذال غرابيب سود تذكرهم بأفعالهم الشاذة والغريبة عن طبيعة المجتمع المصرى صاحب المروءة والشهامة على مدار التاريخ.