مسافة السكة
قصة حياة الفنانة الانيقة المهذبة رجاء الجداوى تُجسد معنى الانسانية، فهل ابدأ بالحديث عن مشوار كفاحها الذى يعطى أملا لمن لا أمل له، ولمن يتحجج بالظروف كالفقر وباعتباره عائقا للوصول للقمة! فقالت إنها كانت قبل الشهرة تعانى من الفقر، كما أنها لم تكن تملك سوى زى واحد تقوم بغسله وارتدائه مرة أخرى، وقالت: (فضلت لمدة 3 أشهر رابطة رجلى على الجزمة، مكانش عندى فلوس أجيب جزمة، كانت بـ99 قرشاً ولم أكن أمتلكها، لما أصبحت عارضة أزياء، يقولوا يااه شوفوا أناقتها، أفتكر الجزمة)، ما جعلها تمشى كالعرجاء، ولكن ما كان يشغل بالها ألا ينتبه أى من أصدقائها أن حذاءها ممزق! لافتة إلى أنها تذكر نفسها دائمًا بالوضع الذى كانت عليه لتشكر الله على عطاياه! فكان مكافأة الله لكفاحها وصبرها أن أكرمها الله فيما بعد فأصبحت عارضة مصر الأولى والوطن العربى!
كما ذَكَرَت فى أحد اللقاءات، سألوها بتعرفى تطبخى؟ ردت انا استاذة مطبخ! جدتى كانت بتقولى انتى سمراء مش زى اخواتك! هتتجوزى راجل على قده ومش هيقدر يجيبلك اللى يخدمك اتعلمى بقى الطبخ عشان تنفعى نفسك! رجاء أصبحت عارضة ازياء وممثلة، وتزوجت لاعب كورة مشهورا (حسن مختار حارس مرمى الاسماعيلي)، كما أنها من اكتر الممثلات فى سنها شياكة وجمالا واشتهرت بالأناقة حتى آخر يوم لها، كما أختيرت ملكة جمال وعملت لسنوات فى عروض الأزياء، فتعلمت الكثير عن كيفية الكلام والأناقة والاحترام، وافتخرت بلقب سمراء النيل الذى لُقبت به، فكانت مثالا حيا لقدرة وعطاء ربنا ، فالله هو المعطى ولا مستحيل مع الله.
اما عن الجانب الانسانى فإنها بشهادة جميع ممن تعاملوا معها بأنها انسانة معطاءة وتحمل فى قلبها الحب والرحمة، وكانت تعطى النصائح للجميع فلا يحمل قلبها الحقد او الكره لأحد، بخلاف تعاملها الشيك الهادئ فكانت مثالا للست المصرية المحترمة وتعاملت مع الفن كما ينبغى ان يكون، فلم نجدها فى دور غير لائق او ترتدى ملابس غير لائقة بل فرضت الاحترام بطريقتها وتعاملها ولبسها على الجميع وأثبت ان الشياكة والاناقة غير مرتبطة بالعري! فاحترمت المشاهد قبل نفسها، كما انها كانت تجيد اللغتين الفرنسية والايطالية وبرغم ذلك كانت تعتز بلغة وطنها ولم نجدها تتفوه بكلمة اثناء اى حديث بلغة أجنبية او تفتخر بامتلاكها لغات أخرى غير لغة بلدها بخلاف من يفتخر بعدم قدرته على التحدث باللغة العربية!
كما أن آخر رسائلها للناس بأن يحبوا بعضا، وعقب حديث عمر اديب ودعوته للناس بأن يعبروا عن مشاعرهم ويقولوا كلاما حلوا للناس وهى عايشة، فهل سنتعظ؟ هل سنبدأ بإخبار من نحبهم بأننا نحبهم؟ هل سنبدأ بتذكير الناس وهى عايشة بصفاتهم الجميلة؟ ام ننتظر حتى يفارقوا الحياة لنخبرهم كم كنا نحبهم وكم كانوا رائعين ولديهم العديد من المحاسن التى كانوا يريدون ان يسمعوها وهم على قيد الحياة!
هل سنتعلم من تلك الانسانة التى حملت العديد من الصفات التى تجسد معنى الجمال والانسانية لتصبح قدوة للجميع ام سنتأثر بضعة أيام ثم نعود للتنمر ويضايق بعضنا البعض ونجعل الجميع يعيش وهو يشعر انه غير مقبول وغير محبوب ويشعر بالوحدة ويتمنى الموت ويرغب بالإنتحار! فأتمنى أن يتم عمل درامى (مسلسل أو فيلم) يجسد حياة ومشوار حياة الفنانة الانسانة رجاء الجداوى وهذا أقل شيء تستحقه، وتصبح أملا للجميع ومثالا للتحدى والحب والعطاء، كما أن الباقى للإنسان هو السيرة الحسنة والسمعة الطيبة وحب الناس الذى يأتى مما يحمله الانسان من قلب طيب وروح سمحة وصفات حسنة تجبر الجميع على حبها واحترامها، رحم الله الفنانة المهذبة رجاء الجداوي.