رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

منذ فترة ليست بالبعيدة كتبت عن ضرورة تفعيل رؤية المستشار بهاء الدين أبوشقة عن أهمية وجود ثلاثة أحزاب قوية على الساحة السياسية، واحد لليمين، وآخر لليسار، وثالث لليبرالية. وليس معنى ذلك إغلاق الأحزاب الصغيرة، إنما الهدف هو وجود أحزاب ثلاثة قوية تؤدى دورها السياسى بما يجب أن يكون، وتمشياً مع مصر الجديدة التى تؤسس للدولة العصرية الديمقراطية، وبما يتوافق مع تفعيل المادة الخامسة من الدستور. والحقيقة أنه منذ قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بحل الأحزاب السياسية بعد ثورة 1952، والشعب المصرى يكافح من أجل الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية.

وبعد هذه السنوات الطويلة من الزمن، تبين أن أكبر خطأ وقعت فيه ثورة 1952، هو ارتكاب جريمة فى حق الحياة السياسية، عندما تم حل الأحزاب، وأن أكبر ضرر للبلاد هو اتباع سياسة الحزب الواحد والفكر الواحد، لأن ذلك يفصل الناس عن واقع الحكم، كما تسبب ذلك فى وقوع الكثير من الكوارث للبلاد، ما جعل أى إنجاز حققته ثورة 1952، محل ريبة وشك.

وبسبب الانتكاسات الكثيرة التى تعرضت لها تلك الفترة، أدرك عبدالناصر عام 1968 أهمية التعددية الحزبية، بديلاً للحزب والرأى الواحد، وهذا ما دفعه، كما تأكد لى من معلومات أنه كان يعتزم عودة الحياة السياسية القائمة على التعددية، لكن المنية وافته قبل أن يبدأ هذه الخطوة التى كانت ستنقل مصر نقلة مهمة فى تاريخ الديمقراطية، وهذا يؤكد أن عبدالناصر كانت لديه قناعة تامة بأن حزب الرئيس المتفرد وحده بالسلطة لا يكفى لتحقيق الحياة السياسية السليمة التى تتمناها الجماهير، ولا يخفى على أحد أن نظام الحزب الواحد تسبب فى معاناة شديدة للشعب ليس سياسياً فحسب وإنما اقتصادياً واجتماعياً، ومنذ هذا التاريخ والحياة السياسية تتعرض لنكبات بشعة، وبسبب الفكر الواحد حلت هزيمة 1967، والكوارث فى حرب اليمن، والوحدة مع سوريا والانفصال عنهاـ وغيرها من القرارات القائمة على الرأى الواحدـ وسواء أكانت هذه القرارات صحيحة أم خاطئة، فإن النكبة الحقيقية أن يكون هناك فكر ورأى واحد، والذى يدفع الثمن فى نهاية المطاف هو الشعب المصرى لكن بوجود الأحزاب والتعددية، هناك الرأى والرأى الآخر، ما يجعل صاحب القرار أمام رؤية شاملة وواضحة، ويعفيه من اتخاذ القرار منفرداً، وما حدث فى الماضى تسبب فى حرمان البلاد من الديمقراطية

وعندما قرر الرئيس الراحل أنور السادات بعد نصر أكتوبر العظيم، تبنى فكر المنابر والأحزاب الثلاثة المعروفة باليمين واليسار والوسط، إنما كان يفكر جدياً فى التعددية الحزبية، لكنها كانت على نطاق محدود جداً، بهدف إقامة حياة ديمقراطية قائمة على التعددية، وجاء أسوأ ما فيها، هو تبنى الرئيس أو رئاسته لحزب بعينه والمسمى بالوسط، الذى يعد النواة للحزب الوطنى المنحل، واستمر كفاح المصريين من أجل الديمقراطية فى عهد الرئيس محمد حسنى مبارك، بعد ما سيطر الحزب الوطنى على مقاليد كل شىء، وبدأت الحرب الضروس على جميع الأحزاب الأخرى، بل سعى النظام بكل قوته إلى تشويه هذه الأحزاب، وأصبحت فكرة الديمقراطية شكلية، لا مكان للأحزاب السياسية فيها، وإنما المتفرد الوحيد هو الحزب الوطنى، وقد تعرضت كل الأحزاب بما فيها حزب الوفد، لحملات مغرضة بشكل يندى له الجبين، وصالت الأقلام وجالت للتسبيح بحمد الحزب الوطنى، وتشويه ما عداه من أحزاب.

بل الأخطر من كل ذلك أن المصريين باتت لديهم عقيدة أنهم أمام حزب واحد يمتلك كل المقدرات، وبلغ الاستخفاف بالشعب أنه تم الضرب بإرادته عرض الحائط، كما بلغ الاستخفاف بالناس مداه فى تزوير الانتخابات، وسيطرت هيمنة الحزب الحكومى على كل شىء بلا استثناء، وكانت تلك القشة التى قصمت ظهر البعير، عندما فشل النظام بأكمله فى 25 يناير 2011، ولو كانت هناك أحزاب قوية بعد سقوط الحزب الوطنى لملأت الفراغ السياسى، وتجنبت مصر هذه الفوضى وهذا الاضطراب الذى شهدته البلاد، وكل النتائج الكارثية التى تسببت فيها جماعة الإخوان، التى تتعرض لها مصر حالياً، وبالتالى فإن كل النكبات التى عانت منها مصر، مرجعها الرئيسى هو سيطرة الحزب الواحد، وغياب التعددية الحزبية سواء أكانت غير موجودة على الأرض، أو موجودة ومهمشة كما كان فى عهد مبارك!!

نحن الآن نؤسس لدولة ديمقراطية عصرية حديثة قوامها الأحزاب السياسية القوية الفاعلة، ما يستوجب علينا أن نستلهم العبرة من الماضى، فى ظل أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات مختلفة بشأن تفعيل الحياة السياسية والحزبية تفعيلاً للمادة الخامسة من الدستور التى تقضى بأن النظام السياسى فى البلاد قائم على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات، والتوازن بينها، وتلازم المسئولية مع السلطة واحترام حقوق الإنسان.

أعتقد، ونحن نؤسس ونرسخ مبادئ ديمقراطية عصرية، وهذا هو المفروض الذى يتعين أن يكون مبدأ تلتزم به كل الأحزاب التى تلعب دوراً رئيسياً على الساحة السياسية، أنه لابد من تفعيل الدستور والقانون.

ولا شك فى أن هذا مطلب شعبى، بل تصميم على ديمقراطية حقيقية سقط من أجلها شهداء ومصابون وسالت دماء خلال ثورتى «25 يناير» و«30 يونيه»، وقد آن الأوان أن يجنى الشعب ثمار الثورتين خالصة نقية مبرأة، وهذا هو موقف حزب الوفد منذ ثورة 1919، وكفاحه الدائم من أجل الدستور والديمقراطية والحياة السياسية السليمة الخالية من كل ما يعكر صفوها، وتحقيق الحياة الكريمة للمواطنين الذين يحلمون بها من زمن طويل، ومن إيماننا الشديد بدعم الدولة الوطنية العصرية والوقوف سنداً لها فى كل المواقف الوطنية، هذا ما يدفعنا إلى الحديث بصراحة شديدة عن مستقبل الديمقراطية فى مصر، وما حققته مصر خلال الأعوام الخمسة الماضية من إنجازات ضخمة تفوق الخيال وتنفيذاً للمشروع الوطنى المصرى يجعل المرء مطمئناً نحو تحقيق حلم الدولة الديمقراطية العصرية الحديثة.