رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سلالم

 

 

أفتش فى صحائف التاريخ عن رشفات أمل نُثرت على حضارتنا ولم نلتفت إليها، فهالنى ذلك التقرير الذى يبلغ عمره مائة عام وكان عنوانه «إحياء الصناعة المصرية».

أكثر من مائة عام مرت وما زال التقرير حيًا ينطق بذات الهموم ونفس الأوجاع، بل ونفس الحلول. استغرب بشدة، كيف قرأناه ولم نهتم، وكتبناه فى الصحف والكتب ولم نعمل به، وظللنا نُكرره بكسل ونعيد ترديد وصاياه فى رتابة طوال الأزمنة دون تفعيل أو تطبيق حقيقى وجاد.

فى عام 1916 أى منذ 104 سنوات بالتمام طلب حسين باشا رشدى، وكان رئيسا لوزراء مصر من إسماعيل باشا صدقى وهو أحد الكوادر الإدارية المُبشرة التى تلقت تعليما أوروبيا، تشكيل لجنة للتجارة والصناعة وإعداد تقرير عن إحياء الصناعة المصرية.

إن إسماعيل صدقى لا يُذكر فى كتب التاريخ إلا مقرونا بالاستبداد ومتصفا بالطغيان، لكن أحدا لا يلتفت لوجهه الآخر كمصلح اقتصادى بارع.

فى ذلك الوقت ضم إسماعيل صدقى إليه كلا من طلعت حرب باشا، وأمين يحيى بك ويوسف قطاوى باشا وعددا محدود من المستثمرين الأجانب ودرسوا معا مشكلات الصناعة المحلية، ثم قامت اللجنة بزيارة أكبر مصنع منسوجات فى القاهرة، وأهم ورشة صابون فى الإسكندرية، وعدد من المنشآت الصناعية الأخرى، وانتهت إلى روشتة مقنعة لإحياء الصناعة المصرية. لإصلاح أحوالها، لتنميتها وتحويلها إلى صناعة حقيقية قادرة على الوصول إلى العالمية.

المُدهش فى الأمر أن الروشتة تضمنت وضع نظام جمركى قائم على زيادة الجمارك على السلع تامة الصنع التى لها بديل محلى، وإعفاء المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج تماما من الجمارك، بالإضافة إلى التنبيه على المصالح الحكومية بمنح الأولوية للإنتاج المحلى فى مشترياتها. فضلا عن دعم الدولة للنقل بالنسبة للسلع والعمال داخل وخارج القطر المصرى.

واقترحت اللجنة كذلك فتح مدارس صناعية وفنية متنوعة، وكان تصور «صدقى» باشا أن مستقبل مصر فى التعليم الصناعى والفنى وليس فى التعليم الجامعى. كما اقترحت اللجنة منح إعفاءات وإعانات لبعض المشروعات الصناعية مثل استخراج المعادن. بالإضافة إلى إنشاء معهد للأبحاث الصناعية يقدم المعلومات الفنية للراغبين من المجتمع الصناعى.

ولا شك أن شيئا من تلك التوصيات لم يجد طريقا للتطبيق الفعلى، وما طُبق منه طٌبق بالطريقة المصرية التى تُركز على العنوان واللافتة وتُهدر مضمون العمل، وهو ما جعل التقرير صالحا كروشتة لإنقاذ الصناعة المصرية طوال القرن الماضى.

فلا رحم الله عيونا لا تقرأ، وقلوبا لا تعى، وأيادى ترتعش خوفا من اتخاذ قرار صالح فى التوقيت المناسب.

والله أعلم.

 

 

[email protected]