عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

 

أشرنا فى مقالات سابقة إلى الرحلة المفقودة من رحلات جرجى زيدان منشئ مجلة دار الهلال، وهى الرحلة التى قام بها سنة 1913 إلى مدينة دمشق، وزيارته هذه كانت الزيارة الثانية لدمشق، فقد سبق وزارها قبل زيارته هذه بثلاثين سنة، وعرضنا لبعض فقرات من هذه الزيارة، وحديثه عن المنازل وتعداد السكان والعدادات وغيرها من محاسن الشعب والمدينة مقارنة بمدينة القاهرة، هذه الرحلة لم تجمع حتى اليوم فى كتاب رحلات جرجي زيدان، مع أنه نشر مادتها فى مجلة الهلال، وأعيد نشر نصها بعد وفاته.

اليوم نشير إلى رحلة أخرى لم تنشر ضمن رحلات جرجي زيدان، وهى رحلته إلى السودان سنة 1884، ولم تكن هذه الرحلة بغرض السياحة، بل رحلة عمل، صاحب خلالها الحملة الانجليزية التى خرجت من القاهرة لانقاذ غوردون باشا، وكانت الحملة تتألف من ستة آلاف جندى، ورافق الحملة كمترجم، وقد أشار إلياس زاخوره فى كتابه مرآة العصر للرحلة بقوله: فسار برفقتها مترجما بقلم المخابرات.. وقضى فيها نحو عشرة أشهر، فشهد أعظم الوقائع الحربية مثل واقعة أبى طليح والمتمة وغيرهما».

وتعد هذه الرحلة من أهم الرحلات التى قام بها زيدان لأنها تسجل أغلب الأحداث التاريخية خلال هذه الفترة، وقد سجل زيدان تفاصيل الرحلة فى كتابه تاريخ مصر الحديث، قال:« وكنا ممن سار برفقة حملة العطمور (بقيادة الجنرال ستيوارت) فشهدنا وقائعها وسمعنا إطلاق مدافعها ورنات قنابلها ورصاصها.. وقد كنت فى جملتهم فى تلك الليلة الليلاء، فكنا سائرين لا نرى شيئا من آثار الطريق المؤدى إلى المكان المقصود لشدة الظلام، فاضطررنا إلى الاستدلال عليها بالإبرة المغناطيسية(البوصلة) والنجم القطبى، وكنا تارة نصعد على آكام متلمسين، وطورا تتعثر أرجل جمالنا بأعشاب أو أنجم شوكية، ولم نكن نخرج صوتا ولا نقدح نارا لئلا يكون بقربنا من الأعداء من يستطلع أحوالنا فتحبط مقاصدنا.

ولم يأت آخر الليل حتى أصبحنا وليس فينا من لم يأخذ منه النعس مأخذا عظيما، وكانت تأخذ من أحدنا سنة الوسن وهو على ظهر الجمل فينتبه وهو على وشك السقوط فيعتدل.. فأمر الجنرال ستيوارت بالترجل وإنشاء زريبة، وما كدنا نفعل حتى احتدمت نيران العدو فأمر بتشكيل مربع، ثم وقف وراء أحد المدافع وبيده المنظر (المنظار) يراقب حركات العدو فأصابته رصاصة فى بطنه فسقط على الأرض وسقطت قلوبنا معه، وكان بجانبى مستر سانكى هربرت كاتب سر الجنرال المذكور، فسألته ما ظنه بحياة الجنرال، فأجاب متأسفا أنه لا يرجو له الشفاء، وما أتم كلامه حتى أصيب هو برصاصة فى رأسه فشهق وسقط ميتا لا حراك به».