رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

فقدت مصر رجلاً من أخلص وأشرف وأعز الرجال، وبطلاً من أبطال القوات المسلحة، ونموذجًا فريدًا من نماذج التفانى والعطاء فى خدمة الوطن، ورجل دولة من الطراز الفريد، فقدنا القيمة والقامة الفريق محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربى.

رحل الجنرال الصامت خزينة أسرار ثورة يناير، وصاحب الدور المشهود فى ثورة يونيه بعد صراع طويل مع المرض، خدم مصر فى صمت ورحل فى هدوء وسكينة بعد أيام من قيام الرئيس السيسى بترقيته إلى رتبة فريق فخرى، ومنحه وشاح النيل، وإطلاق اسمه على أحد المحاور المهمة عرفانًا بدوره فى الحرب عندما شارك فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، وتوليه العديد من المواقع العسكرية، منها مساعد وزير الدفاع لشئون التسليح فى فترة من أهم فترات التسليح فى القوات المسلحة، ثم توليه وزارة الإنتاج الحربى فى مرحلة البناء لمدة 5 سنوات وكان محل تقدير وثقة من الرئيس السيسى، تمكن من إحداث طفرة كبيرة فى شركات الإنتاج الحربى، وعقد العديد من الاتفاقيات مع كبريات الشركات العالمية فى مجال الإنتاج والصناعات الحربية، وبدأ تصنيع سيارة مصرية 100٪، واعتمد على القطاع الخاص فى إنتاج الصناعات المغذية لتشغيل السواد الأعظم من الورش، وخلق فرص عمل جديدة.

عزاؤنا للرئيس السيسى فى فقيد مصر، وللقوات المسلحة، وللشعب المصرى، ولأهل الراحل العظيم فى دمنهور، ونحن على يقين من أن القوات المسلحة قادرة على إنجاب القامات التى تخدم الوطن والشعب المصرى وسوف يكتب التاريخ بأحرف من نور عن المسئولية الكبيرة التى تولاها الراحل الكبير الفريق العصار بعد ثورة يناير كعضو بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوى، وقربه من المشير عبدالفتاح السيسى مدير المخابرات الحربية، وبعد أن أصبح وزيرًا للدفاع، فقد كان الراحل جسرًا للتواصل بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والقوى السياسية، وكان محل ثقة المشير طنطاوى، وأصبح مسئول الاتصال بالإعلام والقوى السياسية، وتولى ملف العلاقات الخارجية، وكان على يقين بالوصول إلى مرحلة الاستقرار فى ظل الفوضى التى سادت الشارع بعد ثورة 25 يناير.

وكان العصار- رحمه الله- له دور كبير أيضًا فى ثورة 30 يونيه، وكان من القيادات المقربة من السيسى، ورفض تهديدات هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية بالتدخل عقب سقوط نظام الإخوان، وقال لها: تدخلكم مرفوض، كما التقى السفيرة الأمريكية «باترسون» قبل الثورة بأيام وحذرته من محاولة عزل مرسى وقام بطردها من مكتبه احتجاجًا على موقفها.

وبرغم مواقف البطل العصار القوية وتصديه لمحاولات بعض المسئولين الأمريكيين التدخل فى شئون مصر خلال ثورة 30 يونيه، فإنه كانت له علاقات جيدة مع الأمريكان، مستخدمًا مهاراته فى الاتصال فيما يخص التسليح، وكان يستطيع الحصول على ما تحتاجه القوات المسلحة، وفى نفس الوقت كان يعطى رسائل مفادها أن المعونة الأمريكية على قدر أهميتها لكن مصر تستطيع أن تستغنى عنها، ولن تكون المعونة وسيلة ضغط على القرار السياسى فى مصر، كما كان له دور كبير فى عودة العلاقات القوية مع روسيا عقب إسقاط الإخوان.

لم يتاجر الراحل العظيم الفريق محمد العصار بمرضه، وظل حتى آخر يوم فى حياته يناضل ويصنع، وتمكن من إعادة الإنتاج الحربى إلى قوته، كان مثقفًا كبيرًا، ونموذجًا للرقى، ورمزًا كبيرًا للوطن.

رحل المقاتل الشرس، جسر التواصل، وحمامة السلام الذى شارك فى مسئولية إدارة البلاد فى فترة عصيبة، وواصل حربه من أجل استقلال الوطن وتحريره من قبضة الإخوان، وحضر بيان 3 يوليو الذى ألقاه السيسى، والذى كتب مشهد النهاية لحكم الإخوان، كان العصار- رحمه الله- يرفض خلط الدين بالسياسة، وانحاز للمشروع الوطنى مع صديقيه وزميليه طنطاوى والسيسى.

رحل البطل، وسيظل شاهدًا أمينًا على ملحمة الشرف والعزة التى خاضتها مصر بما حوته من أحداث، هى الأخطر، حفلت بالأنواء والأهوال، إننا نفتقد هذا الرجل العظيم، ولا نملك إلا أن ندعو الله أن يشمله بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ونحتسبه شهيدًا من شهداء القوات المسلحة لأنه ضحى بكل ما يملك من أجل الوطن، وكان ضمن الأبطال الذين تصدوا لمخطط إسقاط الدولة، وكان يدرك التحديات والمخاطر التى تهدد مصر فى عصر الإخوان، وتاريخه زاخر بالمواقف الوطنية، ندعو الله أن يلهم أسرته الصبر والسلوان، وسيظل اسمه محفورًا فى قلوب المصريين كأحد أبرز رجال العسكرية المصرية من الطراز الرفيع وأحد رجالها الذين أرسوا دعائم العسكرية القوية الهادئة.