عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

كان يجلس واضعًا ساقًا فوق ساق على مقعده المتهالك، وحذاؤه القديم المثقوب تبرز منه أصابعه بشراب أكثر ثقوبًا، أو يرتدى «شبشبًا بلاستيكيًا»، لا يترك قضية داخلية ولا خارجية إلا «أفتى» فيها فتوى الجاهلين من مدعى المعرفة والثقافة والعارفين ببواطن الأمور بما فيها أخبار البت ديانا والأمير شارلز فى حينه، رحم الله شخصية «الكحيت» صاحب أحلام اليقظة والتطلع الطبقى والنقد لكل ما حوله دون أن يبذل أى جهد لتغيير نفسه، مثل الكثير من أبناء بلدى الحلوين، اختفى كاريكاتير شخصية «الكحيت» بغروره بنفسه، وبقايا سيجارته برحيل من قدمها لنا، الفنان المرحوم والكاتب الساخر مصطفى حسين، ولكن للأسف، بقى لنا على أرض الواقع ملايين «كحيت» لا يفعلون شيئا لبلدهم، ولا حتى لأنفسهم إلا النقد والفتاوى غير المبنية على أى واقع أو علم ودراسة.

أتذكر شخصية «الكحيت» وأنا أقرأ وغيرى هذا «الفيسبوكى» الهمام، المنسوخ والمتكرر، الذى يتخيل نفسه رئيس الدولة، ويطرح على أعيننا بكل سخاء حلولا لكل مشكلات مصر العالقة منذ أكثر من ثلاثة عقود، حلول افتراضية كخياله الافتراضى، لا تمت للواقع بصلة، ولا لأرقام الموازنة والديون الموروثة، ولا لموازنات القطاعات الحيوية والهامة التى تتعلق بحياة الإنسان المصرى واحتياجاته الأساسية من غذاء وتعليم وصحة وغيرها.

فى الحقيقة هؤلاء الفشلة الذين لا يغادرون مقاعدهم أمام الشاشات، كانوا جزءا ممن سببوا لى الضغط العالى ومرض القلب وبوادر الجلطة، وأقصد بالباقين، المسئولين الذين غادروا مناصبهم، فإذا بهم تحولوا فجأة إلى جهابذة، وسحرة لديهم كل الحلول لمشاكل مصر، منتقدين أداء من تسلموا منهم المقاعد والمناصب، يا أولاد... «التييت» أين كانت أفكاركم وعقولكم وأعمالكم عندما كنتم فى مناصبكم، لماذا انفكت الآن عقدة أفكاركم وألسنتكم، ملعونة أفكاركم على تاريخ مناصبكم ومراكزكم، والتى قدمتم فيها أسوأ أداء..بل لم تقدموا شيئا على الإطلاق.

وهكذا تتلاقح أفكار الرئيس «الفيسبوكى»، مع المسئولين القدامى أو المخلوعين والمقالين، للضرب والنقد «الأهطل» فى أداء رأس الدولة، سادتى أنا لن أهدم مثلهم، وأيضا لن أنافق، فالمطلوب كما أنهيت مقالى الأسبوع الماضى هو محاربة الفساد على كل الأوجه والمستويات، فساد المؤسسات، الفساد الإدارى، فساد كبار وصغار الموظفين، و«سمكرة» الأدراج المفتوحة، وتسميم الشاى الذى يطالب به أى شخص مسئول عن أى مصلحة أو خدمة أو «تخليص» ورقة تمس المواطنين، ولدينا ما شاء الله جهات رقابية عديدة منها رئيسية كبرى، تتصدرها هيئة الرقابة الإدارية، وللحق فإن نسبة 90% من قضايا الفساد التى تم كشفها وضبطها يرجع الجهد المشكور فيها للرقابة الإدارية وعلى التوازى من نشاطها وجهدها يأتى الجهاز المركزى للمحاسبات.

وللأسف أيضًا باقى الهيئات لا نكاد نسمع عن جهدها ما يثلج صدورنا، رغم أن مواقعها ومهامها لا تقل خطورة، فهناك الهيئة العامة للرقابة المالية، الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ومصلحة الرقابة الصناعية، الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، جهاز الرقابة على الصحف والمطبوعات، جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، الهيئة العامة للخدمات البيطرية، الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، المعهد القومى للتغذية، الهيئة القومية لسلامة الغذاء، جهاز حماية المستهلك، جهاز حماية المنافسة، كما لدينا أيضا أجهزة تنظيمية كجهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز، جهاز تنظيم مرفق الكهرباء، جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحى، الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات.

فهل رأيتم فى بلد ما مثل هذا العدد من الأجهزة الرقابية والتنظيمية؟، ورغم هذا يئن المواطن من كل شئ، لأنه ببساطة الكثير ممن يقومون على هذه الجهات لا يعملون بجدية أو لا يعملون على الإطلاق، وللأسف كل المسئولين التنفيذيين وبالجهات الرقابية يصدرون المشاكل لرئيس الجمهورية، وينتظرون منه تحريكهم.. وقليل منهم يتحملون المسئولية، أو يشعرون بما يعانيه الشعب الذى ينتظر منهم الكثير، وللحديث بقية...

 

[email protected]