عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

حقاً إن العلماء ورثة الأنبياء، حتى إن فسر البعض هذا القول بالمضمون الدينى للمعنى المقصود، ومع ذلك فإن استخدامى لهذا المعنى يأتى فى ظل ملاحظاتى لما حدث فى العالم إبان الشهور القليلة الماضية، فمع استمرار معدلات الإصابة بالعدوى والوفيات من جرّاء ظهور فيروس كوفيد19، توحد العلماء فى جميع بقاع الأرض فى بوتقة البحث العلمى فى محاولة جادة لسباق الزمن لأيجاد لقاح يقى منه، أو عقار شافى له، فانضم عشرات الآلاف من الباحثين من مختلف التخصصات والبلدان إلى المساعى المبذولة فى مجال البحث العلمى والصحة العامة، لمكافحة «كوفيد-19»، وعمل هؤلاء الباحثون من شتى قارات العالم، مُسهِمين بأوقاتهم، وأفكارهم، وخبراتهم، ومعدّاتهم، وأموالهم فى الجهود المبذولة فى قطاع الصحة العامة لمواجهة الأزمة الطارئة، فوفروا المَرافق التى يمكن إجراء فحوص الفيروس فيها، وتبرعوا بمعدات الحماية الشخصية، وصمموا وصنعوا أجهزة التنفس الاصطناعى، ومعدات الاستنشاق الأخرى. وتقدم آلاف المتطوعين من جميع أنحاء العالم للمشاركة فى البحوث على الجانب الآخر.

 وللأسف لم يقم قادة العالم بالنهوض بمسؤولياتهم ، تجاه العالم بمحاولة توحيد الصف، ولو لحين لإنقاذ الكرة الأرضية من جائحة تأتى على الأخضر واليابس، ولا يعلم أحد حتى الآن منتهاها، على الرغم من أن العقل يقول إنه ليس لديهم خيار فى ذلك، فالعلماء أدركوا أن توحد الجهود فيه إنقاذ للجميع، إذ لا جدوى من السيطرة على حالات تفشى الفيروس فى بلد ما، بينما يتفاقم الوضع فى مكان آخر. وبالتالى كانت هناك استجابة عالمية حقيقية بين العلماء، بينما لم يقتد قادة العالم الى النموذج الرائع الذى قدمه العلماء، ففى الوقت الذى أصبحت فيه جائحة فيروس كورونا الجديد تهديدًا لكل دولة على وجه الأرض، سادت بين قادة العالم كلهم حالة من الارتباك، وبدرت منهم إشارات قليلة على الرغبة فى التعاون بصدق لمكافحة الجائحة، وتابعنا جميعاً ما كان يفعله الرئيس الأمريكى يومياً من اتهام الصين بأنه وراء انتشار المرض، بينما اتهم الصينيون أمريكا بأن الفيروس صناعة أمريكية.

وأنا كغيرى من البشر على مستوى أنحاء المعمورة يحمدون الله أن العلماء لم يصابوا بداء الأنانية المصاب به قادة العالم، وتصور ماذا كان سيحدث إذا لم يتم التعاون والاستجابة الطارئة للجائحة من الباحثين والعاملين فى القطاع الإكلينيكى بالمملكة المتحدة، والصين، وإيطاليا على وجه السرعة، مع مهندسين متخصصين فى مجال سباقات «فورميولا 1» للسيارات، وفى غضون أسبوع واحد، تمكن الفريق من استخدام الهندسة العكسية، لتصميم جهاز ساعد الأشخاص الذين يعانون من التهابات رئوية خطيرة على التنفس بسهولة أكبر، ماذا لو أصاب العلماء جائحة الأنانية ولم يقوموا بهذا العمل الرائع الذى لم يسلط عليه الاعلام الأضواء كما يفعل مع إبراز خلافات قادة العالم التى لا تسمن ولا تغنى من الجائحة، لو لا قدر الله لم يحدث هذا، لما أصبح الجهاز متاحاً وساعد المرضى على التنفس، ضمن منهجية تعرف باسم ضغط مجرى التنفس الإيجابى المستمر، فعمل عن طريق تزويد الأشخاص الذين يعانون صعوبات فى التنفس بكميات صغيرة نسبيًّا من الهواء، لكنها مستمرة، إضافة إلى قدرته على تقليل عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى أجهزة تنفس اصطناعى فى المستشفيات، وهناك تعاون جاد بين العلماء فى العالم لإتاحة اختبار الجهاز على نطاق عالمى، وبالتالى توفيره للهيئات الصحية فى البلدان متوسطة الدخل، ومنخفضة الدخل.

 وفى الواقع أن قادة العالم بحاجة إلى أن يروا كيف أن التنسيق الدولى فيما يتعلق بمرض «كوفيد-19» يؤتى ثماره. فرؤساء الدول، ورؤساء الوزارات يستجيبون لماهو فى صالح شعوب العالم أجمع ببطء شديد، وتناسوا نجاح تجربتهم السابقة فى سرعة استجابتهم لأزمة عام 2008 المالية، عندما اجتمع رؤساء الحكومات، ووزراء المالية، ومسؤولو البنوك المركزية، ومسؤولو وكالات الإقراض متعددة الأطراف، واتفقوا على ما يتوجب فعله، فأنقذوا العالم من كارثة اقتصادية كانت ستؤدى الى إعلان إفلاس دول بأكملها. التاريخ يعيد دوما نفسه ولكن بصور مختلفة وينجح فى الاختبار من يعى الدرس ويستفيد من الأخطاء السابقة، وإذا أردنا أن نتعلّم دروسًا مفيدة للمستقبَل من تلك الجائحة، فيجب علينا ضخ المزيد من التمويل، لتحسين إجراءات رصد الأمراض فى البلدان الأشد فقرًا، على أن تجعلوا النتائج متاحة للجميع سريعًا.