رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

 

 

 

للكاتب والمؤرخ صلاح عيسى تعبير ساخر، يصف فيه المسئول الحالى الذى يصبح مسئولا سابقا بعد إقالته بـ«الحالة سابقا» وهى حالة يتحول فيها المسئول الحالى من «سكر محلى على كريمة» كما تقول الأغنية الشهيرة، وهو فى موقع المسئولية، إلى ثائر تفوق معارضته لما كان فى السابق مسئولا عنه، ثورية جيفارا حين غدا مسئولا سابقا، سواء استقالوه، كما يشكك ظرفاء المصريين فى احتمالية استقالة المسئول من موقعه، أو تمت إقالته !

 وللشاعر أحمد فؤاد نجم  قصيدة تصف بسخرية «الحالة سابقاً» فتقول: يا واد يا يويو يا مهلبية، فوق الصوانى، سايحة وطرية، وفى كل جلسة تلبس قضية، وتخيل عليها، يا مشخصاتى، حسب الوظيفة، وانت وشطارتك، تظهر حلاوتك، تظهر مرارتك، لو خفضوك ترتفع حرارتك، لو صعدوك تنقلب جيلاتى!

تذكرت تلك السخريات أثناء متابعتى للمعركة القضائية والكلامية الدائرة الآن بين البيت الأبيض وبين جون بولتون المستشار السابق للأمن القومى، وأحد ابرز مستشارى الرئيس الأمريكى ترامب، إثر صدور كتابه «من قاعة الحدث» مؤخرا الذى يتناول فيه روايته لما كان يحدث خلال 17 شهراً من توليه مسئوليته، حتى رحيله عنها فى سبتمبر الماضى، ومشاهداته عن قرب لسلوكيات الرئيس، بما يجعل الكتاب ورقة رابحة فى الحملة التى يقودها الحزب الديمقراطى وأنصاره لمنع إعادة انتخاب ترامب لدورة رئاسية ثانية.

ومع اننى لست من هذا النوع الذى يحكم على الأشخاص بشكلهم الخارجى، فقد نفرت من شكل بولتون منذ ظهوره فى الفضاء العام، حيث بدا لى كأحد افراد عصابات المافيا، وما أن يظهر حتى يعلو دعائى استر يارب، ربما لأن تاريخه مع منطقتنا حالك السواد. فهو واحد من الصقور المحسوبة على تيار المحافظين الجدد الذين نظروا بعد 11 سبتمبر 2001 للحرب على الإرهاب، وغزو العراق وأفغانستان، وإلغاء الاتفاق النووى مع إيران والدعوة لإسقاط نظامها بالغزو العسكرى، ومطالبة بالتدخل بالقوة المسلحة فى الشئون الداخلية للدول، لتعزيز الهيمنة الأمريكية، والدفاع عن سطوة إسرائيل فى المنطقة.هذا فضلاً عن إشاعتهم لخطاب عنصرى ضد الأقليات المسلمة والسوداء.

خسر ترامب معركته القضائية بمنع صدور كتاب بلتون بعد أن عجز عن تقديم ما يثبت أن الكتاب ينطوى على أسرار تضر بالأمن القومى الأمريكى. ووفقا لا نشرته الصحف من عرض للكتاب فهو دون أدنى شك، نموذج متدهور للحالة سابقا، حيث يسعى لتصفية حسابات شخصية مع قيادة استغنت عن خدماته. فترامب وفقا له رئيس جاهل لا يعرف أن بريطانيا دولة نووية، وأن فنلندا لم تعد جزءا من روسيا، وأنه يستجدى الدعم لحملته الرئاسية القادمة من الزعماء الصينيين، وأنه يستخدم نفوذه لحماية ابنته من مساءلة قانونية، وأنه يتكلم أكثر مما يسمع، ويخلط بين مصالحه الخاصة والمصالح الوطنية الأمريكية، وهو شخص غير حكيم، ومعجب بحكام استبداديين، ويصف الصحفيين بأنهم حثالة، وغيرها من النقائص التى لا يستبعد كثيرون من المعنيين بالشأن الأمريكى أن تكون هى نفسها صفات شخصية بولتون. هذا بالإضافة إلى أن كثيرا من تلك الصفات يمكن لمن يتابعون ترامب وتغريداته وقراراته استنتاجها، لأن ترامب رئيس مندفع ليس من النوع الذى يخشى الخطأ. ولهذا فالكتاب هو محض انتقام شخصى من ترامب على طريقة «كيد النسا» تأتى أهميته ليس فيما يحتويه، بل فى توقيت صدوره، فى قلب الحملة التى يقودها ترامب لإعادة انتخابه، ويغدو من المبكر توقع تأثير ما تضمنه كتاب بلتون على انخفاض شعبية ترامب فى مقابل منافسه «بايدن» فى حملة الانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى نوفمبر القادم، لأن ذلك هو ما سوف تكشف عنه الأسابيع القليلة القادمة!