عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

 

حلت منذ يومين ذكرى رحيل الكاتب الكبير المرحوم مصطفى شردى - طيب الله ثراه - وأدخله فسيح الجنات.. مصطفى شردى أول رئيس تحرير لجريدة الوفد، اختاره الراحل الكريم الزعيم خالد الذكر فؤاد سراج الدين لتأسيس الصحيفة التى صدرت عام 1984 أسبوعية، ثم يومية عام 1987، وقد قام شردى ورفاقه جمال بدوى وسعيد عبدالخالق - رحمهما الله - وعباس الطرابيلى وعبدالنبى عبدالبارى - أمد الله فى عمرهما - بتأسيس الصحيفة التى هزت أرجاء مصر والمنطقة العربية بأسرها، لتكون صحيفة الوفد منبراً قوياً ينادى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإنصاف المواطن المصرى الذى يتطلع إلى الحياة الكريمة.

عاش مصطفى شردى 54 عاماً وثمانية شهور و25 يوماً، حيث ولد يوم 5 أكتوبر عام 1935، وكان يوم رحيله مساء الجمعة 30 يونيو عام 1989، عاش شردى صحفياً من قمة رأسه حتى أخمص قدميه، وخاض قضايا أمته ومعارك نضالها، وعاش حروب وطنه ضد المحتل وفترة تدمير بورسعيد عام 1956 وتلقى الصدمة الأولى لهزيمة 1967، ومنذ هذا التاريخ عاش فى الخنادق مقاتلاً، أعطى وطنه أكثر مما أعطى أسرته وأولاده، وقدم عصارة عقله وقلبه للصحافة داخل وخارج مصر.. هو بلا جدال فارس المعارضة المغوار الذى هز عرش الفساد بقلمه، فقد كان مقاتلاً من طراز فريد.. هو الصحفى الوحيد الذى امتهن الصحافة وعمره لم يتجاوز العاشرة يعاون والده الصحفى الكبير محمد شردى الذى كان يكتب لصحيفة «المصرى» وعندما توفى تولى الابن مصطفى النحاس شردى المهمة، وأصبح صحفياً وهو لم يصل بعد الثانية عشرة من عمره، يجرى وراء الأحداث الملتهبة، ويذكر له التاريخ أنه الصحفى الطفل الذى صور بشاعة العدوان الثلاثى على بورسعيد، والتى قام من خلالها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بعرضها على العالم ليكشف جرائم العدوان الثلاثى، بعدما حصل عليها الكاتب الكبير المرحوم مصطفى أمين طيب الله ثراه.

عرفت مصطفى شردى - رحمه الله - فى بداية مشوارى الصحفى عندما كنت أعمل صحفياً بالأردن وكنت وقتها المصرى الوحيد الذى يعمل بجريدة شيمان والدستور الأردنية، طلب منى أن أعود إلى مصر فى عام 1986 لألتحق مع كتيبة الوفد الصحفية، ولبيت رغبة الأستاذ المعلم فى العمل بالوفد باعتبارها صرحا إعلاميا كبيرا، لقد كان «شردى» صحفياً من طراز فريد، يفجر المواهب داخل الشبان أمثالى حينذاك، وكان شردى لديه قدرة فائقة على إخراج المواهب داخل الشباب الذى قادوا الصحيفة فيما بعد. مصطفى شردى لم يضع حاجباً على مكتبه، وعلمنا كيف نقدر المسئولية وكيف نحفظ العهد والوعد، جعلنا نحن شباب الصحفيين فى الوفد، لا نغادر المكان إلا لظروف قهرية، فقد نجح بامتياز فى أن يكون الولاء للوطن أولاً وللوفد حزباً وصحيفة ثانية.

وأسجل فى ذكرى رحيل الفارس المغوار، أننى كنت الوحيد والمرحوم سعيد عبدالخالق رحمه الله، الذى فارقت روح الفقيد الدنيا أمام عينى فى مساء يوم الجمعة 30 يونيو 1989. وأذكر أنه فى هذا التاريخ كان انقلاب عمر البشير فى السودان، والذى تولى خلاله بعد ذلك رئاسة الجمهورية السودانية، ودخلت على الفقيد الكريم ورأيته وهو يصارع الموت ممسكاً بالقلم والورقة يكتب مقالاً عن الأوضاع فى السودان، ودار نقاش سريع بيننا الثلاثة وجدى وسعيد وشردى عن الهموم المصرية وخلافه من قضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان.

وفى غرفته بالدور الخامس بمستشفى السلام الدولى سكت القلب فجأة ولم أكن أعرف أن الروح خرجت لبارئها، إلا من إصابة المرحوم سعيد عبدالخالق وقتها بغيبوبة «سكر».. وواجهت الموقف بمفردى وأبلغت الأستاذين عباس الطرابيلى وجمال بدوى والزعيم فؤاد سراج الدين، وبعدها انهالت الأمة على المستشفى تبكى بدموع حارة الراحل الكريم مصطفى شردى.

فهل حقاً مصطفى شردى قد مات؟!.. إن شردى مات جسداً ولم يمت روحاً ومدرسة صحفية تعلمنا فيها. شردى لم يمت لأنه خلف وراءه زملاء أعزاء فى مؤسسة الوفد الصحفية حملوا الراية من بعده، فكن مطمئناً فى مثواك الأخير، لأن تلاميذك حافظون للعهد وباقون على الوعد، كلنا يتحسس طريق الوطنية الذى سرت فيه طويلاً.. رحم الله أستاذى ومعلمى وأبى الغالى فقيد مصر والأمة العربية، الذى أدين له بكل فضل فى بلاط صاحبة الجلالة، وأسكنه الله فسيح الجنات وتولانا بالصبر والسلوان.