رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سلالم

 

 

 

 

لا إعلام بلا إعلان، فكل وسيلة إعلام مرئى ومقروء تستهدف الحقيقة والتوعية والقيم الحضارية، لكنها تستهدف التمويل أيضاً.

والإعلانات فن قديم تزامن ميلاده مع أول صحيفة ظهرت فى ستراسبورغ سنة 1609 وتطور وتقدم لنصل إلى تقنيات خيالية فى الإعلان لدرجة أن دخولك مرة واحدة للبحث الإلكترونى عن معدات التصوير تجعلك تشاهد كل يوم إعلانات لمعدات تصوير من كل نوع ومنشأ.

ورغم استهداف شركات العالم شرقاً وغرباً مواد الدعاية المدفوعة، ورغم قيام مؤسسات عدة وشركات عملاقة على فكرة الإعلان الممول، فإن هناك أخلاقيات وقيماً ترسخ وتعمم وتتخذ الشكل المؤسسى لتنجو بالإعلان من فخاخ الانحطاط.

وقبل أيام قررت شركات عالمية كبيرة من بينها كوكاكولا ومايكروسوفت وأديداس وريبووك مقاطعة فيسبوك وعدم نشر إعلانات فى مواقع التواصل الاجتماعى تحت لافتة استخدامها فى التحريض على الكراهية، ودفع ذلك مارك زوكربرغ مؤسس فيسبوك، إلى الإعلان عن مجموعة قواعد راسخة لقيمة فن الإعلان لديه، بمعنى وضع قيم وأخلاقيات وقواعد لا يجوز لأى إعلان الخروج عنها. وقال زوكربرغ إن فيسبوك سيحظر إعلانات الكراهية التى تحتوى على ادعاءات بأن «الأشخاص من عرق معين أو إثنية أو أصول محددة أو انتماء دينى أو طائفة أو توجه جنسى أو هوية جنسية أو من المهاجرين» يشكلون تهديداً للآخرين. كذلك فإن فيسبوك سيضع علامة خاصة على المشاركات التى يحتمل أن تكون ضارة أو مضللة لكنه سيتركها (دون حذف) لقيمتها الإخبارية.

وفى تصورى إن أى إعلان سواء على الميديا التقليدية أو السوشيال ميديا يجب أن يلتزم بقواعد حوكمة عصرية تتسق مع مبدأ الشفافية، فلا يستخدم صيغة «أفعل» التفضيل، ولا يحمل تحريضاً أو تهكماً تجاه الآخر، ولا يلجأ إلى التمييز الدينى من خلال الشعارات الدينية. وبالطبع يجب أن يخضع للآداب العامة، فلا يستخدم ألفاظاً خارجة أو يحمل إيحاءات مثيرة، وقبل كل ذلك لا يجب أن يحمل أى إساءة لأى شخص.

ويحضرنى فى واقعنا المعاصر واقعتين تضارب فيهما الإعلان مع القيم المتعارف عليها فى المجتمع. وكانت الأولى عند إنتاج فيلم «ناجى العلى» بطولة الراحل نور الشريف، الذى اعتبره بعض الكتاب المصريين يحمل تعظيماً وتخليداً لفنان عربى أساء للرئيس الراحل السادات وسخر منه فى رسوماته، وكان على رأس هؤلاء الكاتب الراحل إبراهيم سعدة، وبعد أن كتب عدة مقالات فى انتقاد الفنان نور الشريف لأداء دور رسام سخر من مصر ورئيسها بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، ومع عرض الفيلم طلبت الشركة المنتجة نشر عدة صفحات إعلانات مدفوعة فى «أخبار اليوم» ورفض إبراهيم سعدة نشر الإعلانات، وكتب إن الكلمة لا تقبل الخضوع للمال، وأن صحيفة أخبار اليوم لن تقايض موقفها من الفيلم بحفنة من الدولارات.

أما الواقعة الثانية، فعندما عرضت إحدى الشركات نشر إعلان خمور فى جريدة المصرى اليوم، فى يوم عيد الأضحى، واعترض الزميل أنور الهوارى، رئيس التحرير آنذاك، على ذلك لاصطدامه بقيم المجتمع، لكن الشركة ومالك الجريدة أصرا على النشر، وأصر رئيس التحرير على نشر تعليقه على الواقعة، لكن الأمر انتهى بأزمة انتهت بخروجه من منصبه.

وكان الصراع فردياً وغريباً لأننا لم نضع دستور أخلاق لفن الإعلانات.

والله أعلم.

 

[email protected]