عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

قف عند العطار أو الجزار أو محل الفول والطعمية أو داخل السوبر ماركت، أو أى مكان يتعامل مع المنتجات الغذائية، وانظر بدقة ماذا يجرى فيها؟

سيدهشك ما يحدث.. أو يغضبك، وربما تقول مواسياً نفسك «هى دى مصر يا...»! ربما اكتفيت بالغمغمة أو التمتمة أو تجاوزت ذلك إلى التعبير عن رفضك ومطالبة من يديرون المكان بتصحيح الأوضاع الخاطئة، باعتبار أن الطريق لانتصار الوباء هو انعدام الوقاية وسوء النظافة والإهمال الصحى، لا يمكن أن تبقى مصر رهينة هذه الأوضاع المشينة! نظرة واحدة على المنتجات التى تباع فى المحال والماركت- ناهيك عما يباع فى الشارع- تجدها وقد علقت بها كمية هائلة من الأتربة، كما يفجعك قذارة الأرضيات!

الباعة قد يرتدون البالطو الأبيض لكنه ملطخ بالأوساخ! جرب أن تطلب إلى البائع أن يعد لك قطعة من الجبن، ستراه يشرع فى ذلك من دون ارتداء ولو كيس بلاستيكى؟ اذهب للجزار ستجده يقطع لك اللحم دون ارتداء جوانتى فى يده أو كمامة، أو يتبع موضة وضعها تحت ذقنه! والأسوأ من ذلك إنه قد يقوم بـ«فرم» اللحوم بيديه؟ أى بشاعة وإهمال هذا؟ يحدث الشىء نفسه عند العطار وعند باعة الخضار وفى محال بيع الدواجن والأسماك! ولا شك أن المطاعم التى تقدم الطعام «ديليفرى» لا أحد يعرف بالضبط ما الذى جرى أو يجرى فى مطابخها؟ الحال عند «الطعمجى» و«الكبدجى» لا يختلف عن سابقة، لا يعبأ أحد بتأففك ورغبتك فى التقيؤ من هذه المشاهد، ولا بمخاوفك من العدوى، وإن همست بذلك فى أذنه قد يقول لك ساخراً: «يا بيه خليها على الله»!

ما هذا الذى نخليه على الله؟ انتشار العدوى من عدمه؟، وكأن الجميع اتفقوا على أن جملة «خليها على الله» هى المفتاح السحرى لمواجهة المشكلات وتجاوز الأزمات.. فكثيرون يسمعون عن تهديدات الوضع فى ليبيا ومخاطر سد النهضة وهمهمات الحرب وهم يقولون أيضاً «خليها على الله»!

كيف تستمر تلك الوضعية المزرية؟ فعلى الرغم من انتشار الحملات التوعوية ورغم سقوط العشرات من ضحايا كورونا، ورغم تزايد الإصابات إلى أرقام تناهز الألفين يومياً، إلا أن الناس لم يغيروا عاداتها وسلوكياتها بعد، وفى كل مكان يخرج صوت عاقل يحذر يقول «لا مش كده يا ناس» يرد عليه الآخرون «يا عم خليها على الله؟!

يلقى الناس بالقمامة فى قلب الشارع فتبقى بالساعات نهباً للكلاب والقطط وتنشر الروائح الكريهة ولا تزكم أنوف أحد! يؤذى الجار جاره فيلقى فى مناور البيوت بأكياس فضلاته متكاسلاً عن إلقائها فى أماكنها المخصصة لها، والحقيقة أنه ربما لا توجد هذه الأماكن بالفعل، بل لا توجد حاويات يلقى فيها الناس بفضلاتهم، لا نتحدث هنا عن المناطق الراقية ومناطق الكمباوند التى تتمتع بكثير من النظافة والتنظيم، ولكننا نتحدث عن ربوع المحروسة.. ولا شك فى أن هناك أدلة على الإهمال حتى فى صفوف العاملين فى هذا المجال، فقد تبين مثلاً أن 13 من عمال النظافة فى مدينة بنها أصيبوا بالفيروس، نتيجة عدم توافر- أو الالتزام- بوسائل السلامة والوقاية، فهؤلاء يفتقرون بالطبع إلى الجوانتى والكمامة!

هذه الأوضاع المزرية يجب نسفها، ومصر يجب أن تخرج من محنة كورونا مختلفة تماماً وعلى سنجة عشرة!

[email protected]