رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

 

متى ستنتهى وترحل بوجهها الكئيب المتشح بالموت والرعب والسواد، متى تعود للحياة طبيعتها، وللناس انطلاقتها وسهرها وصخبها، ولشوارعنا أضواؤها وونسها، متى تنزاح عنا غمة كورونا، وقد جعلتنا نعيش أشهراً أربعة تعيسة، بلا سعادة او ابتسام، حتى إن تفكهنا وتندرنا على مواقع التواصل، فأعماقنا حزينة كئيبة، فى تحاور اخوى كعادتنا، ألمح لى زميلى الخلوق د. مصطفى عبدالرازق بأن أنهى سلسلة مقالاتى التى طالت إلى 12 حلقة حول كورونا، وحول اعتناقى لنظرية مؤامرة تقف خلفها، والتفاصيل الكثيرة إلى أوردتها عن المصل أو اللقاح المتوقع، ومن صنعوا كورونا وسيتكسبون من بيع أمصالها.. إلخ.

فعلا أخى مصطفى طال حديثى عن كوفيد 19، واذا بعلماء يتنبأون بتحوره إلى كوفيد 20، وإذا بدول اعتقدت أنها تطهرت ونفضت يدها من الفيروس، عادت لتئن مجددا بأعداد إضافية جديدة من الموتى والمصابين، أو لا يستحق ما يدور فى عالمنا الآن من كارثة انسانية بكل المعايير تهدد البشرية بلا أى خارطة أو كتالوج، ألا تستحق أن أفرد لها كل هموم قلمى، وأقطر لأجلها كل حبرى، اكتب عن ماذا يا عزيزى، عما لا يقل سوءاً عن كورونا، عن التهديدات على ابوابنا الغربية فى ليبيا، عن التهديدات بتعطيشنا وتبوير أراضينا بسد اثيوبيا، عن الإرهاب القذر المتربص بها وهجمات الشر من الإخوان الذين يتمنون لمصر الانهيار والزوال، عن ماذا اتحدث يا صديقى، وكل الشاشة تقريباً سوداء.

والله لست متشائمة بطبعى، على النقيض من يعرفنى يطلق على لقب «حياة»، فقد وهبنى الله موهبة إشعال شمعة فى الظلام، وقدرة الابتسام بين الأحزان، وقوة نفض تراب العثرات والنهوض بسرعة لمواصلة مشاق الحياة، ولكن ما نمر به منذ بداية العام تهتز له اكبر قوى تفاؤل فى العالم، مع هذا يجب أن نتمسك برحمة الله وعفوه، بأن الغمة ستنزاح، وأننا مع هذه الأيام التى لا نعلم متى ستنتهى من العزلة والإغلاق، يجب أن نغتسل أخلاقياً جميعاً، كما صرنا نغتسل كثيراً لنتطهر من كورونا.

نعم، يجب أن نعيد فى تلك الفترة تربية أنفسنا وتهذيبها، وان نكون على يقين بانه أى كانت اسباب الفيروس، فانه يحمل لنا اليقظة والعظة، لأن نعود إلى الله ونذكره ونشكره كثيراً على نعمه، ونطبق تعاليمه الدينية والأخلاقية، فكما نضع الكمامة على افواهنا، نضع كمامات على ألسنتنا فلا نغتاب، على أعيننا فلا ننظر للحرام ولا إلى ما متع به الله ازواجا غيرنا، كمامة على ضمائرنا لنصفيها، وأخلاقنا لننقيها من الشوائب التى استشرت فيها بصورة اخطر من أى فيروس، من إعتاد الظلم عليه ان يتوقف ويستغفر ويعيد المظالم لأصحابها، من يكذب، يتوب عن الكذب الذى يسوقه إلى الفجور والى النار، من يخون يعود لضميره وإلى فطرة الخير من الحب والوفاء، من أكل حقوق الناس فليعدها ويعتذر لهم، من يغش.. من يتقاعس فى عمله، من يعق والديه، من يهمل أبناءه ويعيش لنفسه بكل أنانية، كل هذا يجب أن يتوقف، يجب أن نستفيد من جلوسنا بالبيت بلم شمل الأسرة، وتذويب الخلافات، وازالة الفجوات يجب أن نعيد تربية انفسنا، ونثقفها دينيا، نقرأ فى كتب الله، قرآن، إنجيل، نقرأ فى كتب الفكر والشريعة والعقيدة، تلك الإجازات المفتوحة لنا جميعاً، علينا ان نخرج منها بما هو مفيد، بدلاً من الغرق بالساعات خلف الشاشات بكل أنواعها، يمكن دراسة كورسات للغات أون لاين، أو حتى الدراسة بأى جامعات بالخارج أون لاين، استعيدوا نهج القراءة والثقافة التى تهذب الأنفس.

كورونا فيروس هدد حياتنا، وأفنى آلافاً منا، ولكن هناك فيروساً أخطر منه سيدمر كل المجتمع، وهو فيرس اللاأخلاق واللادين واللاضمير، فيروس سيقتلنا ونحن أحياء، لنصير موتى يتحركون بلا أى روح أو قلب او مشاعر انسانية.. بلا رحمة، نعم ونحن نحارب فيروس كورونا ونتمنى الخروج منه سالمين، يجب أن نحارب معه هذا الفيروس الأخطر، ليعود من يتبقى منا للحياة، مغسولاً.. طاهراً.. إنساناً.. هكذا تتطهر الحياة.

 

[email protected]