رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كم تمنيت لو أن مركز استطلاع رأى أمين مع نفسه؟ ومع المصريين، قد اختار عينة من بينهم، ثم سأل أفرادها واحداً وراء الآخر، عما يشعر به كل فرد منهم، حين يمر أمام  مبنى الحزب الوطنى الذى يجرى هدمه على الكورنيش هذه الأيام!

أتمنى هذا، لأنى أظن أن آراء كثيرين بيننا، إزاء هذه القضية، سوف تختلف الآن، عنها وقت صدور قرار بحل الحزب، بعد تخلى الرئيس الأسبق مبارك عن الحكم، بأيام!

والفكرة عندى، لها مستويان، أولهما أن الأحزاب من نوعية الحزب الوطنى الذى كان قائماً عندنا قبل 25 يناير، تختفى من الحياة السياسية فى العالم، بقرار من الناخب ذاته، وليس بقرار من الحكومة، ولا حتى بحكم من المحكمة!

وأما المستوى الثانى، فهو أن اعتراضنا على الحزب، فيما قبل الثورة، لم يكن كما لانزال نذكر جميعاً، اعتراضاً عليه كحزب نشأ بقرار من السلطة، ولا كان اعتراضاً على سكوت أجهزة الحكم على فساد كان يقال عن بعض قياداته، ولا كان اعتراضاً كذلك على وجوده فى الحكم، وإنما كان الاعتراض، بالأساس، على إصرار الرئيس الأسبق، على أن يظل طوال 30 سنة رئيساً للحزب، فهو أمر كان يخل بأبسط قواعد المنافسة السياسية، بين الحزب الوطنى، وبين سائر  الأحزاب!

وعندما قامت الثورة، فإن ما كنا نطالب به، قد تحقق بشكل تلقائى ربما دون أن نأخذ بالنا، لأن مبارك كان قد تخلى، ليس عن رئاسة الحزب، وإنما عن الحكم كله، ولذلك، فإن بقاء «الوطنى» بعدها كان ضرورة، لأن أى انتخابات لاحقة، كانت سوف تدفع به إلى المنافسة، بقدراته الذاتية وحده، بعد تجريده من الاحتماء بالرئيس، ولأن أى انتخابات لاحقة أيضاً، كانت سوف تضعنا بالضبط، أمام قوة ذلك الحزب، مجردة من أى سلطة فى الدولة، ولأنه كحزب، كان سيجد نفسه مضطراً، فى أى استحقاق انتخابى لاحق، الى مخاطبة الناخب مباشرة مدركاً أن هذا الناخب هو سنده الوحيد، وأن أيام استناده الى قوة الدولة، فى مراحل سابقة، قد مضت، ولن تعود!

إننى أخشى أن أقول، إن حالة الارتبك التى تسود فى كل مرة نكون فيها على أعقاب انتخابات البرلمان، راجعة فى الأصل، الى عدم وجود منافس قوى للأحزاب القائمة، وأن منافساً من نوعية الحزب الوطنى، الذى عرفناه طوال أيام مبارك، لو كان موجوداً الآن، لكانت أحزابنا الحالية، قد أيقنت أنها تدخل معركة البرلمان، وفى ذهنها أن تلحق هزيمة واجبة به، وأن تنقله الى مقاعد المعارضة!.

وفى اللحظة التى ينتقل فيها حزب حاكم الى مقاعد المعارضة، فإنه يدرك على الفور أن عودته الى الحكم، مرة ثانية، مرهونة بشيئين، أولهما حرصه على التخلص من عيوبه ومن أخطائه، ومن خطاياه، وثانيهما سعيه طوال الوقت، الى تسليط الضوء على أخطاء الحزب الموجود فى الحكم، وفى الحالتين يصبح الناخب، هو الرابح، ويصبح البلد كله، هو الكسبان لأنك سوف تجد نفسك أمام حزب معارض يقاتل من أجل أن ينال رضا الناخب، ثم أمام حزب حاكم، يقاتل من اجل الهدف ذاته، فكلاهما، والحال كذلك، يظل يتنافس على رضا المواطن أمام الصندوق!

هذا كله، يمر فى ذهنى، كلما مررت من أمام مبنى الحزب على الكورنيش، وأشعر بأن حل الحزب، قضائياً، لم يفتح الطريق وفقط، أمام الجماعة الإخوانية، وكأن ذلك كان هو القصد، وإنما أدى قرار الحل، فيما أدى، الى حالة فراغ سياسى لابد أننا جميعاً نلحظها، ونحس بها، ونتمنى لو تجاوزناها سريعاً.

ولو أن أحداً قال، إن ما أقوله عن الحزب الوطنى، يجب أن ينطبق على حزب «الحرية والعدالة» الإخوانى، الذى جرى حله هو الآخر، بحكم محكمة، فسوف أقول إن القول بذلك خطأ تماماً، وخلط بين أوراق لا يجوز خلطها بعضها ببعض، لأن «الوطنى» عندما قامت الثورة عليه، لم يمارس أعضاؤه عنفاً ضد المصريين، ولم يخربوا المنشآت العامة، ولا أحرقوا ممتلكات الناس فى الشوارع، ولم يسارع أعضاؤه كذلك، الى تخزين السلاح فى مقراته بالمحافظات.

هناك فرق كبير لا يستطيع أى منصف أن يقفز عليه، ولا أن يغمض عينيه عنه، فلا يراه.

حل «الوطنى» قضائياً لم يكن حلاً، لأن الحل المُتاح فى أحوال كهذه، فى العالم كله، يظل فى حدود إصلاح الكيان السياسى القائم، وليس فى إلغائه، ولا فى اختفائه فجأة.. تماماً كما أن التعامل مع جهاز مباحث أمن الدولة فى الفترة ذاتها كان بإصلاحه كجهاز والتخلص من عيوبه، وممارساته الخاطئة، ولم يكن أى عقل يقول، إن التعامل معه، يكون بحله هو الآخر، ومحوه من الوجود!

لو بقى الحزب الوطنى، لكانت الخسارة من نصيبه فى الانتخابات المقبلة، ولكان قد عاد بعدها حزباً غير الذى نعرفه، ولكن ما حدث أننا تصرفنا مع الأمر كله، بمراهقة سياسية، لم تكن جائزة، وتعاملنا مع مسألة إبعاده عن الحياة السياسية، وكأن ذلك هدف فى حد ذاته، مع إنه كان وسيلة لا أكثر.. وسيلة لبناء حياة حزبية يتنافس فيها حزبان، أو ثلاثة بالكثير، على رضا الناس، ولصالح الناس!.