رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

 

 

فقد اثنان من أصدقائى «الأم» فى نفس اليوم  وكان القاتل هو فيروس كورونا اللعين . وفى هذه الحالة - حالة فقد الأم أجد نفسى أشارك أصحابها  شدة الحزن والألم وكأنى أمى هى التى رحلت الآن ؛ فقد أى أم يذكرنى ويوقظ داخلى يوم فقدان أمى وينفتح الجرح وكأنه لم يندمل منذ عشر سنوات أو يزيد ! إن فقد الأم يمثل حالة انسانية فريدة لايشعر بها إلا من مر بها وخاصة من جيلى ؛ فقد كانت أمهاتنا غير أمهات اليوم !! ولأسارع إلى القول لماذا هن كن مختلفات حتى لايساء الفهم فأنا وكلنا لانزال نؤمن بأن الأم هى الركن الركين فى تكوين الأسرة والحفاظ على كيانها ودورها فى الحياة المعاصرة ؟!

لقد كانت أمهاتنا فى زمن طفولتنا البعيد هن مرآتنا وهن عيوننا على الحياة وعلى المستقبل وهن المثل الأعلى وهن القدوة وهن – رغم أن معظمهن كن غير متعلمات –  من يملكن كل الحكمة يقلنها فى كلمات أو أمثال شعبية  موجزة مكثفة العبارة شديدة البلاغة وكنا نحفظ عنهن هذه الأقوال فتصبح هاديا لنا فى الحياة وسراجا وهاجا يضيء طريقنا إلى المستقبل أحبانا ويحذرنا من مخاطره أحيانا أخرى . لقد تربينا ونحن نرى أن الأم هى الراعية للكل بما فينا الأب ، المحبة للكل ، الحانية على الكل ، هى التى تلبى كل مطالبنا بلا كلل أو ملل بعيدا عن تكشيرة الأب أو تذمره ؛ فحينما نواجه أى أزمة مادية يكون لديها الحل حتى ببيع مصوغاتها وحينما نواجه أزمة معنوية أو فشلا من أى نوع تحوله بحديثها الحانى وثقتها غير المحدودة بالله إلى طاقة نور سيرسلها إلينا الله فى المستقبل .

 لقد كانت أمهاتنا هن الصدر الحنون لكل أفراد الأسرة رجالا وسيدات شبابا وشيوخا تتلقى آلام وأمال الجميع بابتسامة حنون وقلب صاف لا يشغله عن إدراك الخير والتوجيه إليه أى أحقاد أو ضغائن كثيرا ما توجد فى صدور الجميع . إن أمهات ماقبل التليفزيون كن القدوة والمثل وكن رواة الحكاية وصناع الرواية ، إنهن كن أبلة فضيلة وبابا شارو قبل الاذاعة والتليفزيون وكن من ألهمن الاثنين الحكاوى وحواديت الصغار . لقد زرعت هؤلاء الأمهات فينا الانتماء إلى الأرض وحب الوطن بعيدا عن «زرع وحصد « التى كنا نتعلمها فى المدرسة .

 إنهن من صنع منا العلماء والقادة والزعماء رغم أنهن لم يتعلمن من الكتب أو المدرسة قيمة العلم و معنى الزعامة أومعنى القيادة !! إنهن من علمنا  وزرع فينا  كل القيم والمثل العليا النبيلة . إن أمهات ماقبل التليفزيون وتعليم المرأة وانخراطها فى العمل الخارجى يختلفن بلا شك عن أمهات عصر التليفزيون وخروج المرأة للعمل وكفاحها من أجل اثبات ذاتها وسط الرجال وعالمهم الفظ المليء بصور التنافس والصراع ، إذ لاشك أن صورة المرأة فى المنزل قد اختلفت بعد أن أصبحت امرأة عاملة مثلها مثل الرجل ! لقد أصبح الراديو والتليفزيون بعد ذلك هو المعلم والقدوة وهو ما يبث القيم ويحشو رأس الطفل بقيم كانت ولازالت فى أغلبها مستوردة من صناع الحكاوى و أفلام الكارتون من الأجانب !!

ولاشك أن أمهات الأمس القريب من هذا الجيل المكافح الذى بدأ معه عمل المرأة  يختلف عن أمهات اليوم الذين لم يعد لديهن حول ولاقوة مع أطفالهن فما أن يولد أطفال اليوم ويتعلموا الحبو والوقوف على القدمين حتى يصبح المعلم الأول هو الفضائيات والموبايل وما عليه من برامج التسلية والترفيه وما خفى كان أعظم !! لقد غابت رسالة الأم أو تكاد فى عالم اليوم وأصبح الأبناء لايشعرون حقيقة بوجودها وأهميتها القصوى فى حياتهم ، إن معظم أبناء اليوم لايكادون يتذكرون من أمهات اليوم إلا اليوم الأول للذهاب لدور الحضانة والمدرسة، وهن على عجل من أمرهن لأنهن بعد أن يقذفن بهؤلاء الأبناء إلى داخل المدرسة يذهبن مسرعات إلى أعمالهن تاركين هؤلاء الأبناء بعد ذلك إلى سائق ميكروباس المدرسة «والمس المشرفة على الباس « . لقد غاب دور الأم فى عصر الفضائيات والانترنت والمحمول فلم يعد الأبناء يشعرون بدورها الكبير فى حياتهن ! ولعل فيما قلته الآن بعضًا مايوضح لماذا نتألم نحن الكبار من فقد أمهاتنا بينما يتعجب من ذلك صغار الأبناء !. وليكن القدر و» كورونا اللعين « رحيما بماتبقى من أمهات الزمن الماضى الجميل، فهن رحمة من الله لاتزال موجودة على الأرض ندعو الله أن تستمر لأطول فترة ممكنة ..

[email protected]