رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

عندما قامت ثورة يناير كانت أحد أهدافها الرئيسية هدم فكرة الأبوة أو كل ما يتعلق بالسلطة الأبوية بداية من رئيس الجمهورية إلي السلطة الدينية وأيضاً أي سلطة لأي مدير أو قائد أو معلم أو حتي جيل أكبر سناً وله خبرة وتاريخ.. ومن هنا كان الجميع من الثوار والنشطاء والسياسيين والمفكرين وحتي الإعلاميين يرفضون أي وصف للرئيس بالأب أو برب الأسرة وسادت حالة من الرفض والمقاومة لكل من يحاول أن يطرح فكرة الأجيال والكبار والعلاقة بين البشر من منظور إنساني واكتفي الثائرون ومثقفوهم والإعلاميون بأن يؤكدوا علي أن السلط مهنة ووظيفة ولا وجود للمشاعر بين العاملين أو بين الرئيس ومرؤسيه.. ولهذا كانت الوقفات والاعتراضات وضرب المديرين ومحاصرة الأساتذة والعمداء علي غرار «ارحل» و«مش هانمشي هو يمشي» وكم من رؤساء شركات وجامعات وصحف ومؤسسات تركوا مناصبهم اثر ثورة يناير وتوترت العلاقة بين العاملين وبين الرؤساء في جميع الهيئات وعلي رأسها مبني ماسبيرو الذي تحول الدور التاسع إلي ثكنة حربية وأبواب حديدية وأقفال خاصة بعد أن تم تفريغ المبني من محتواه البشري والتقني والإعلاني وتحول الجميع في سوق الإعلام إلي قناة بعينها تملك معظم شركات الإعلانات ملكية المصلحة والاحتكار وقرر رئيس تلك القناة المصرية الفضائية الخاصة التي ظهرت بعد يناير وعلي أنقاض ماسبيرو العظيم الكبير قرر أن يكون ما يسمي بغرفة صناعة الإعلام.. علي غرار غرفة صناعة السينما بما أن الإعلام صار صناعة وتجارة رابحة ورائجة وقوة وظهراً وسنداً لليبزنس وللأعمال وللقوة السياسية والتأثير والتوجيه للرأي العام وللجموع وحتي للضغط علي مراكز صنع القرار..

الإعلام الخاص اليوم يفخر بأن رئيس أو مالك القناة هو الأب الكبير والروحي لجميع الإعلاميين العاملين بالقناة مما يذكرنا بأقوالهم المأثورة عن السيد صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق والذين كان الجميع يسعي إلي رضاه وإلي محبته ويتسابقون في مدحه ووصفه برائد الإعلام الأول في مصر والعالم العربي وبالأب الروحي لجميع العاملين في ماسبيرو!! سبحان مغير الأحوال.. انتقل مركز الثقل من مبني الدولة الإعلامي إلي قناة خاصة صارت هي المتحكمة في صناعة الإعلام علي مستوي مصر وأصبحت محركة لقوانين الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني أو الرقمي في سابقة جديدة علي التوجه الإعلامي والثقافي لهذا الوطن فما من دولة إلا ولديها إعلامها القومي الوطني المعبر عن هويتها وعن أبنائها وعن سياستها وثقافتها وليس أبلغ من بريطانيا مثالاً أو أمريكا أو روسيا أو الصين أو إيران أو فرنسا أو ألمانيا جميعها بلدان حرة وكبري ومع كل هذا لديها قنوات ومحطات خاصة بالدولة معبرة عن سياستها ونظامها وحكمها وعن تاريخها.

لكن في مصر لم يعد لنا غير القناة الجديدة المسيطرة علي صناعة الإعلام ومحتكرة جميع أو معظم شركات الإعلانات وكذلك مهيمنة علي الرأي العام وعلي صنع القرار السياسي أو التلويح الدائم بالقدوة علي التدخل السريع لصالح أعمالها أو توجهاتها.. القضية هي هذا التحول في منظومة الإعلام وسياسات الدولة فيما يخص قوانين العمل الإعلامي.. حيث إن الإعلام ليس مجرد تجارة أو صناعة تستدعي المكسب والخسارة المادية أو السياسية، كما أن الإعلام ليس هو ميثاق شرف إعلامي يكتبه أهل المهنة وفق متطلبات حرياتهم ومصالحهم، كما أن الإعلام ليس هو نقابة مخصصة للإعلاميين ونادي واشتراكات وكارنيهات عضوية تمنع المزايا والعطايا وتخصص الأراضي أو السكن أو المزايا أو العلاج فقط، كما أن الإعلام ليس هو نسبة المشاهدة والاثارة وعدو الشركات التي تعلن عبر القناة، وأخيراً الإعلام ليس صوتاً عاليا أو تصفيقاً دائما أو نفاقاً في صورة معارضة خاضعة كاذبة لأن الإعلام الذي ينتظره المواطن هو الآتي:

1- إعلام يجمع بين الثقافة والفن والسياسة والمعلومة حيث إن الإعلام اليوم هو ذاكرة الأمة وسجل الحياة وجبرتي الواقع الذي لن تزيفه أقلام أو أهواء أو أغراض لأنه يمثل عقل ووجدان الشعوب.

2- الإعلام المتنوع في برامج للأطفال وأخري للكبار والشباب وللمرأة وللفلاح والعامل وللطالب وللمثقف ولطالب المعرفة كما نطالب الترفيه والمهتم بالرياضة كما لمن تشغله السياسة والتاريخ والجغرافيا فهو جامعة متنقلة للمعرفة وللمعلومة وللترفيه والترويج.

3- إعلام يعبر عن سينما كما يقدم النوبة ومطروح والصعيد والدلتا والساحل ومدن القناة وكل بقعة في أرض مصر من حيث الطبيعة والمشكلات والتحديات والانجازات والصعاب والمشكلات وكذلك التميز والمواهب والأنشطة في مراكز الشباب وتصور الثقافة ودور العبادة وكل مصنع أو حقل أو نشاط تجاري أو صناعي أو رياضي أو تعليمي أو فني ثقافي.. كذلك خدمي تواصلي مع المجتمع والبيئة المحيطة.

4- إعلام لا يملكه بابا أو صاحب القناة وإنما إعلام يملكه المواطن الدافع للضريبة ومن ثم فإنه إعلام يدار بفكر وطني قومي ولكن وبأسلوب إدارة القطاع الخاص حيث ضرورة تنمية قدرات العاملين وتطبيق لائحة الجزاء والمنع وفق الأداء والتطوير وليس لائحة المرتب الثابت والأجر الأساسي والمتغير لأن أسلوب إدارة ماسبيرو كقطاع عام أدي بنا إلي تلك الحالة المتردية من إهدار لأموال الدولة وامكاناتها اللوجستية والتقنية البشرية في مبني كبير يفتقر إلي أي تطوير وتحديث ليواكب العصر وينافس تلك القنوات الخاصة من حيث الحرفية والقدرة علي التأثير والتغيير والتعبير عن المجتمع بكافة توجهاته واحتياجاته وعلي رأسها أمن الوطن وسلامة المواطن.

5- وأخيراً الإعلام الوطني هو الإعلام الذي سوف يعتبر السلوك والرأي ويعيد بناء المواطن فكريا وإنسانياً ولغوياً وأخلاقياً حتي نتمكن من النهوض بهذا المجتمع والوطن نحو الغد علي أسس وقواعد مهنية وأخلاقية تحمي حرية الفكر كما تحمي حرية المواطن وأمن الوطن.