رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حفنة كلام

 

 

هل صار الوادع افتراضياً؟ كيف تقرأ أو تسمع احتجاز صديق أو قريب لك فى أحد مستشفيات العزل لإصابته بكورونا فلا تستطيع عيادته ولا يُسمح لك برؤيته إلا من وراء حجاب؟ وكيف تهاتفه سائلاً عن صحته فلا يقوى على الرد، وكأن الصمت كلام وكأن النفس المتحشرجة استغاثة لا تملك لها دفعا؟.. كيف وقد قرأت أو سمعت بموته فلا تستطيع تشييع جنازته ولا الصلاة عليه ولا توديعه ويبقى الهاتف طريقا وحيدا لكى تعزى أهله وتبكى فقده، كيف تسهر ليلات كى تحوّله فى ذهنك من خانة الأحياء إلى خانة الموتى؟ وكم تقاسى فى سبيل ذلك التحويل الذهنى المؤلم؟ هل غدا الإنسان خبراً؟ ألم يقل أبوالحسن التهامى فى قصيدته الخالدة :

حُكم المنيّة فى البرية جارِ

ما هذه الدنيا بدارِ قرارِ

بَيْنَا يُرى الإنسان فيها مُخبرا

حتى يُرى خبراً من الأخبارِ

ومن عجب أن يُنشر نبأ وفاة قريب أو صديق لأحدهم فيحصد مئات الإعجابات Like ولا أدرى علامَ هذه «اللايْكات» كيف يُعجَب الناس لموت إنسان؟ أحرى به أن يترحم على المتوفى تعليقا أو دعاء فى نفسه!

لقد مُلئ الفيس بوك بصور الموتى فصارت مواقع التواصل الاجتماعى شواهد قبور افتراضية أيضاً. يبدو أن الأوبئة تُظهر جوانب خفية فى النفوس، تظهر الأثَرة واستسهال الموت وتوقع الفقد وقابلية الرحيل وهوان الدنيا، وضآلة القوة وضعف الجبروت البشرى، تبدو النكبات إيذانا ببداية علاقات إنسانية أخرى ونهاية علاقات إنسانية مما يستوجب على علماء علم الاجتماع وعلم النفس دراسة هذه الظواهر والنتائج وأثرها على العلاقات البشرية فيما بعد. لقد بدأنا الاجتماع الافتراضى واللعب الافتراضى والوادع الافتراضى وانتهاء بالدنيا الافتراضية والموت الافتراضى، ومن يعش يرَ عجباً.

       • خاتمة الكلام:

طُبعت على كَدرٍ وأنت تريدها

صفوًا من الأقذاء والأكدارِ

ومكلّف الأيام ضدّ طباعها

متطلّبٌ فى الماء جذوةَ نار

فالعيشُ نومٌ والمنيةُ يقظةٌ

والمرءُ بينهما خيالٌ سارِ

[email protected]