عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

 

 

 

لاشك أن من أهم نتائج هذه الجائحة التى نعيشها ويعيشها العالم أجمع أنها ساوت بين الجميع فى إدراكهم لأهمية العلم والعلماء فى حياة البشر، وأجبرتهم على أن يعوا أن مصيرهم وحياتهم معلقة على نتائج البحث العلمى الذى يسابق فيه العلماء فى جميع أنحاء العالم  الزمن لاكتشاف علاج يقضى على الفيروس الفتاك ثم اكتشاف المصل الذى يمكن أن يقى الناس مستقبلا من الإصابة بهذا المرض اللعين . لقد اكتشف الناس فجأة أن العلم والعلماء هم الأحق بالاهتمام وأن الإنفاق على البحث العلمى هو ما فيه النجاة ! لقد كنا نعيش فى زمن الرياضة والفنون وتسابقت الدول والشعوب فى اللهو وفى الانفاق على لاعبى الكرة والرياضيين  وعلى الفن والفنانين بالملايين والمليارات من أجل هجمة كروية وتسجيل هدف هنا أو هناك ومن أجل رقصة أو لفتة من هذه الفنانة أو تلك وأصبح نجوم الرياضة والفن هم القدوة والمثل الأعلى للشباب فى أنحاء العالم فهم النجوم  الذين تتهافت عليهم وسائل الاعلام وهم النجوم الذين امتلأت خزائنهم بالملايين والمليارات وهم الذين يتهافت عليهم ملايين الشباب حول العالم لالتقاط صورة معهم وهم الذين تباع ملابسهم وأحذيتهم وكأنها آثار خالدة من زمن عظيم انقضى عصره وثمنت أشياؤه!!

يقضى العلماء جل وقتهم ويفنون صحتهم و أعمارهم فى البحث العلمى من أجل الوصول إلى حلول لمشكلاتنا الصحية والاجتماعية والنفسية والفكرية والاقتصادية ويقدمون كل ذلك عن طيب خاطر فى أوراقهم البحثية ومجلاتهم العلمية ومحاضراتهم الجامعية فلا يحصلون إلا على أقل القليل من التقدير المادى والمعنوى ولا يجدون إلا نظرة الشفقة من الآخرين على العمر الضائع و الصحة المفقودة والمظهر غير اللائق !! إننا كنا نعيش قبل كورونا فى عصر يعطى للطبيب الحد الأدنى من الأجر وينظر إلى الصيدلى والممرض على أنهم مجرد مساعدين للطب والأطباء وليس لهم منا إلا القول الطيب والكلام المعسول حينما نحتاجهم ، والنقد والسخرية فى معظم الأوقات فهم إما تجار أدوية أو ملائكة رحمة لا يرحمون ولا مانع يمنع من مهاجمتهم فى مستشفياتهم وأماكن عملهم نتيجة خطأ هنا أو خلل هناك دون أن نعى أنهم يعانون أشد المعاناة فلا يجدون من يرعاهم حق الرعاية ولا من يساعدهم على استكمال دراساتهم واتقان عملهم والحفاظ على مظهرهم !!

  إن هؤلاء وأمثالهم من العلماء فى مختلف التخصصات لا قيمة لهم ولا مكانة لهم فى مجتمعاتهم لدرجة أننا لا نكاد نسمع أو نرى أحد مشاهيرهم   إلا حينما يحصل على جائزة مرموقة  من الداخل أو من الخارج ! فلا الاعلام يتابع اكتشافاتهم وانجازاتهم ولا أحد يعرض لمؤلفاتهم أو لنتائج أبحاثهم ولا أحد يهتم بزيارتهم فى معاملهم وبين كتبهم و مكتباتهم . لقد كان جل اهتمام الناس هو متابعة الدوريات الرياضية المحلية والعالمية وأخبار نجومها وأسعارهم الفلكية وكذا متابعة أخبار الفن والفنانين والجرى وراء أخبار من تزوج  من ؟ ومن سهر مع من ؟ ومن طلق من ؟ . لقد انغمس الجميع فى النم والنميمة حول حياة مشاهير الفن والرياضة وجعل أصغرهم نجما وأقلهم موهبة شهيرا ونسينا الطب والأطباء والعلم والعلماء الباحثين عن الحقيقة والباحثات !. لقد جاءت جائحة كورونا ليعى الناس والحكام و السياسيون وصناع القرار أن العلم والبحث العلمى أهم من صناعة الصواريخ والتخطيط لغزو الفضاء وأن الانفاق على العلماء ورفع رواتبهم ليس ترفا بل هو الأجدى والأنفع لمستقبل الانسانية ؛ فليس المستقبل والتقدم فيه مرهونا بأقدام الرياضيين ولا بأجسام الفنانين بل بعقول العلماء وابداعاتهم . إن غياب المسابقات الرياضة وحتى الغاؤها تماما لن يؤثر فى شيء ولن ينقص من كمال الحياة الانسانية شيء إنها مجرد مسابقات للترفيه وللتسلية يمكن للبشر أن يستبدلوها بممارسة الرياضة بأنفسهم أو بالقراءة والاستماع للموسيقى وهذا بلاشك سيكون أكثر فائدة وأهمية لصلاح حياتهم !!

إننى لا أقصد بالطبع التقليل من أهمية شيء انجرفنا وراءه دون وعى وإنما قصدت فقط أن نعيد ترتيب الأولويات . إن جائحة كورونا وماترتب عليها من الحجر والبقاء فى المنازل ووقف كل مظاهر الاحتفالات والتجمعات لم ينقص من متع البشرالحقيقية  شيء ! . لقد تغيرت وجهتنا و أصبحنا جميعا فى انتظار ما يجب انتظاره والاهتمام بما يجب الاهتمام به  وهو ماذا قال العلماء وما هى آخر مكتشفاتهم للقضاء على هذا الفيروس والمصل الواقى منه ؟! ولنتعلم مما نعيشه الآن إن الأولوية الأولى للبشر فى كل مجالات حياتهم مرهونة بالتقدم العلمى، والتقدم العلمى مرهون بما يبذله العلماء فى مختلف تخصصاتهم من جهود على مدار الساعة وعلى نتائج أبحاثهم التى يفنون فيها أعمارهم فلا أقل من أن نعيد ترتيب أولوياتنا ونضعهم على قمة الهرم الاجتماعى وعلى قمة الهرم المادى والوظيفى. وفى اعتقادى أن وعينا بأهمية العلم والعلماء فى حياتنا يكاد يكون أهم الدروس الكبرى التى علمتنا اياها جائحة كورونا "كوفيد المستجد" !

[email protected]