رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

 

لا أخفى سعادتى بما رأيته! لعل أحداً لا يشاطرنى هذه السعادة.. لكن لا بأس! كان بإمكان الدولة أن تستمر فى تجاهل الأمر لبضعة شهور أو سنوات أخرى قادمة، لم يكن ليلومها أحد. فلا صوت الآن يعلو على صوت معركة «كورونا». لكنها اختارت ألا تفعل. فكثيراً ما انتقدناها نقداً شديداً لأنها تتجاهله وتتركنا فريسة له، وتنسى أنه يجرحنا ويؤذينا ويقتلنا أيضاً. ولعلها لا تريد أن تترك الفرصة تمر الآن!

كمن صدمه الأمر وقفت بسيارتى مشدوهاً، لا أصدق ما يجرى. من أين لنا بهذه الاعتمادات؟ الطبيعى أن كل الإمكانيات مسخرة لمواجهة الجائحة، وكل مشروع كان يجرى العمل به كان معرضاً لأن تسحب ميزانيته لتخصص للمواجهة «الكورونية» وتوفير النقص فى المستلزمات الطبية.. أما أن تقوم الدولة بتنفيذ خططها لإعادة «رصف» الطريق الدائرى فى هذه الظروف، فهذا أمر يجب أن نرفع له القبعة.

هذا أمر بالغ الدلالة، على أن الدولة لا ترى ضرورة لوقف العمل بالمشاريع الحيوية والجماهيرية الأخري. فما أحوجنا بالفعل للعمل الجاد الذى يحول أقبح طريق فى مصر إلى واحد من الطرق الجيدة التى تخدم مستخدميه بحق وهم بالملايين.

كنا نعيب على وزارة النقل عدم إيلاء الاهتمام إلى الطرق القديمة، لأنها طرق للموت الرخيص، حيث لا دية للضحايا ولا عقاب للقتلة. كانت الطرق الجديدة تحكم تواجدها حول الوطن من كل مكان، فيما تبقى الطرق القديمة تقتلنا مراراً بنفس الطريقة ولا يتحرك أحد: بؤر وحفر وأسياخ حديدية وتلال من الأوساخ والقاذورات.. أحجار فى قلب الطريق السريع يخطئها قائد سيارة لا يتوقعها فيراق دمه هو وأطفاله، وبينما تنتحب الأمة على أبنائها وفلذات أكبادهم، لا أحد يقاد للتحقيق عن كيفية وصول هذا الحجر القاتل - أو رفاقه السابق الإشارة إليهم - إلى قلب الطريق؟!

وقفت مدهوشاً والابتسامة تعلو وجهى - وهو حدث نادر- وأنا أتابع العمال وهم يرصفون الطريق، ورغم أننا عانينا من الاختناق المرورى فى تلك الساعة، إلا أننى كنت سعيداً بحق، وذهب كل ما عانيته طوال اليومين الماضيين وأنا أتردد على فرع لأحد البنوك المصرية لسداد معاملة مالية فى موعدها قبل أن تداهمنى غراماتها الدولارية إذا فات الوقت. نسيت أننى أهدرت وقتى فى هذا البنك الحكومى على مدى يومين، لأن أحداً فى البنك لم يكلف نفسه مشقة إبلاغ المنتظرين وهم بالعشرات أمام البنك، بأنهم لن يستطيعوا إنهاء هذه المعاملات لأن «السيستم واقع»! تركونا ننتظر ساعتين ونصفا وعندما وقفنا أمام الموظف قال لنا ببلادة كورونية «السيستم واقع»! هو لا يدرك حجم المعاناة - أو لعله يدركها ويتجاهل ذلك - التى عانيناها وقد أتينا من مناطق بعيدة جداً. فى فرع آخر تكررت المأساة.

ذهبت إلى موظف فى موقع مسئولية، فقطع شوطاً أولياً فى إنجاز المعاملة، وبقى نصفها الثانى وقفاً على شرط غريب وهو محادثة زميله المختص هاتفياً، وللأسف استغرق ذلك ساعة ونصفا حتى أتاه رده. صدمت حين أكد الموظف لزميله أيضاً أن «السيستم واقع»! هكذا غادرت بسرعة إلى الفرع الرئيسى فى المنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر، وخضت رحلة معاناة طويلة، وربما «مذلة»، لم يحولها من حال إلى حال إلا تلك السواعد التى تعيد رصف الطريق الدائرى فى الزمن الكورونى! شكراً لكم على هذه السعادة.

[email protected]