عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

تمر البلاد بفترة ألم لكنها لا تفقد الأمل فى العودة إلى الحياة الطبيعية التى تعود فيها الدماء إلى الوجوه الشاحبة والطمأنينة إلى القلوب المتعبة، والثقة إلى النفوس القلقة، والابتسامة إلى الشفاه الذابلة.

 أيام طويلة مرت علينا كما مرت على العالم بالكامل تحت غزو كورونا الذى ما زال صاحب الكلمة العليا فى تقييد حركة الحياة، عندما فرض شروطه ووضع مليارات البشر تحت الحظر اتقاء لشروره، ما زالت محاولات كبحه محل شك، لكن لم يفقد العلماء الأمل فى الوصول للترياق الذى ينقى أبدان البشر من السم الذى يتربص بأجهزة الجسم لينقض عليها فى غفلة، ولن تفقد البشرية الأمل فى شروق فجر جديد تعود فيه الحياة كما كانت قبل أن يدخل هذا الغازى غرف النوم يقض مضاجع الآمنين الذين كانوا يعتقدون أنهم فى مأمن منه لمجرد أنهم ارتدوا الكمامة ورشوا المطهر ومسحوا بالمعقم وغسلوا أيديهم بالماء والصابون كل فترة، هذه الإجراءات الاحترازية مطلوبة لكنها ملفوفة بورق الاستسلام لا تصلح لمواجهة عدو يملك سلاحاً لا يوجد له مضاد حتى الآن يستطيع ردعه.

وأمام غدر هذا الوحش أصبح الحل هو التعايش، فالحياة تسير بتحمل الألم، مع التحلى بالأمل فى أن تنقشع هذه السحابة التى غطت على كل مظاهر الاستمتاع بالحياة، التمسك بالأمل يصلح أن يتحول إلى سلاح للمواجهة، لأن الاستسلام هو مقدمة الهزيمة القاسية، الحشد للأمل هو إعادة بناء القدرات وتجهيز قوات الصد، العالم يتعايش مع هذا الوحش، لكنه مازال يفتح الباب ليطل منه الضوء الذى يبدد ظلام القسوة وجبروت الغازى.

رغم كورونا فإن الحياة تسير، صحيح أن الفيروس له اليد الطولى فى الوصول إلى المكان الذى يريده، لكن لا يجوز أن ينسحب البشر أمامه، لابد أن تكون هناك مساحة يتمسك بها المحتلون من هذا المستعمر الفظ، وهى الخط الفاصل بين الحياة والنهاية، بالأمل يتحول كورونا إلى ذكرى أليمة ترويها كتب التاريخ، ويحكيها الأجداد للأحفاد عندما تعود الحياة الطبيعية، ويتخلى الناس عن الكمامة التى تعنى احترام هذا المستعمر والاعتراف بقوته وخطره، عندما تعود الحياة تستقر الأرواح القلقة فى الأبدان، ويأمن الناس من الخوف، وتدور ماكينات المصانع بكامل طاقتها، وتستقبل القاهرة ضيوفها من السياح الذين اشتاقوا للوقوف تحت سفح الهرم يتأملون عظمة التاريخ، ويتنقلون بين ملوك مصر القدماء فى الأقصر، ويستمتعون بجمال الطبيعة فى الغردقة وشرم الشيخ.

حتماً ستتغلب البشرية على هذه الجائحة بفضل من الله، وبتمسك الناس بالأمل وبجهود العلماء فى الوصول إلى علاج يكبح هذا المرض، ليس أمامنا الآن إلا اللجوء إلى سلاح المناورات والتسويف والمماطلة والتعايش لتقليل خسائر كورونا لأننا أضعف منه، ولتمكين العلماء من تجهيز الضربة القاضية التى تخلصنا منه أو على الأقل تنتصر عليه، أو على أضعف الإيمان يعيش معنا بسلام مع حذرنا منه لا نقترب منه ولا يقترب منا، إذا استمر الوعى فى الأخذ بالأسباب.

كورونا كانت له إيجابيات لكن سلبياته كثيرة، كنا نعتقد أنه مجرد زائر خفيف أوغير مرغوب فيه، استقبلناه بسخرية، وقلنا كورونا عبارة عن شيكولاته نشتريها من السوبر ماركت، كورونا مشروب الكاكاو الساخن الذى نتناوله فى الشتاء، ولكنه طلع أشد مرارة من العلقم، لا يعرف الرحمة، ولا يقبل الأسف، دخل بيوتاً كثيرة فى العالم، أطفأ داخلها مصابيح الحياة، ونشر فيها الخوف والقلق، وفرض أسلوبه على الأسر، حتى السلام بالإيد أصدر كورونا فرماناً بتجميده حتى إشعار آخر، الأعياد فى ظل كورونا مرت وما زال الناس ينتظرون العيد بأثر رجعى؛ لأنه تسرب من أمامهم وسط إجراءات الحذر من الضيف الساكن الذى يعلن عن نفسه من خلال علامات كانت عادية فى السابق، وأصبحت غالباً تشبه علامات الساعة.

ورغم قسوة كورونا سيقاوم البشر، لأن هناك رغبة فى الحياة، وستنتصر الحياة، ومن يرد الحياة ويتمسك بها يستجب له القدر، لأن من يتفاءل بالخير يجده.