رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

 

 

 

 

الوداع يا صاحبى، لن أسمعها منك بعد اليوم العبارة التى كنت تستعجل بها كتابة مقالى وهى «المقال يا كبير» ولن تسمع منى الرد عندما كنت أقول لك: «انتظر يا أيمن ومتقفلش معاى»!

فأنت حاليًا فى دار الحق ونحن فى دار الباطل، أشهد أنك كنت يا أيمن شعلة نشاط، متسامحًا، متصالحًا مع نفسك ومع جميع زملائك. ولذلك كان فراقك فى هذه الأيام صعبًا نزل علينا كالصاعقة، وكما كنت خفيفًا مرحًا فى حياتك، غادرتنا بدون تعب أو مشقة ولم تثقل علينا، أو تنتظر كلمة وداع.

أخى أيمن عبدالحميد مدير قسم الإنتاج بالقسم الفنى فى رحاب الله، صام رمضان، وسلم صيامه لله وأسلم روحه لخالقه ثانى أيام عيد الفطر، وكنا ننتظر عودته فى الوردية الثانية لإجازة العيد لنقول له: كل سنة وأنت طيب، بدون أحضان ولا قبلات عملًا بالإجراءات الاحترازية ولم يأت أيمن، وتبدلت الفرحة الافتراضية بالعيد إلى حزن وتعازٍ عندما جاءنا الخبر: أيمن توفى، استرجعت شريط ذكرياتى مع صديقى أيمن، وأشهد الله أنه كان دمث الخلق، مخلصًا لعمله، متعاونًا مع زملائه، قانعًا بما قسم الله له من رزق، لا يتبرم ولا يتنصل من أى مسئولية يكلف بها.

كانت عبارة «المقال يا كبير» هى الرابط بينى وبين أيمن، وبعد غيابه اكتشفت معناها «الكبير»، لم يكن أيمن يقصد استعجالى أو يذكرنى بكتابة مقالى اليومى، ولكنه كان يقصد المعنى الأشمل، وهو أن نعض بالنواجز على جريدة الوفد، ونسلم صفحاتها إلى المطبعة فى موعدها بدون تأخير، وأن نحافظ على صدورها كما حافظنا عليها طوال السنوات الماضية منذ فترة الثمانينيات عندما صدرت «الوفد» فى عهدها الذهبى، ومازالت تتبنى قضايا الوطن والمواطن.

أيمن يقول لى: اكتب مقالك لَتِنْسى، وكنت أحيانًا أنسى كتابته لانشغالى فى تسيير أعمال الديسك المركزى، وأجده يمر من أمامى مرة أخرى ويعاتبنى بابتسامة جميلة، وأقول له: ثوانى يا أيمن بطل استعجال، وبعد فراقه فهمت إنه لم يكن مستعجلًا على كتابة المقال، لأنه يعرف أننى كنت أقدمه فى وقت مناسب، ولكنه كان هو المستعجل، ولم نكن نعرف أنه وصل إلى المحطة الأخيرة، وسينزل من قطار الحياة إلى الدار الآخرة ليقيم مع الزملاء الذين سبقوه.

كم قاسية أنت يا مهنة البحث عن المتاعب، وكم أتعبتِ قلوبًا وأرهقتِها، وما أقسى هذه المهنة فى المرحلة الحالية، التى نواجه فيها حربًا من حروب الإرهاب، وحرب ڤيروس «كورونا»، وأتذكرك يا أيمن وأنت كنت تقرأ معظم مقالاتى قبل أن تذهب إلى المطبعة أننى كتبت منذ بداية ظهور «كورونا» فى العالم، عندما قلت فى أحد مقالاتى إن «كورونا» وجماعة الإخوان الإرهابية وجهان لعملة واحدة وهى الغدر والخيانة والطعن من الخلف، الإرهابى لا يواجه وجهًا لوجه، ولكنه يتصرف بأسلوب المباغتة، ويطعن من الخلف لأنه جبان، و«كورونا» هذا الڤيروس الفتاك الذى لا يرى بالعين المجردة يوجه لدغاته القاتلة الماكرة وكأنه يطعن من الخلف مثل الإرهاب، الاثنان وباء غدار يقتل الأبرياء.

ارتاح يا أيمن وسوف نكمل المسيرة، وسيظل الوفد بفضل زملائك من كتيبة المقاتلين يلقون عليك تحية الصباح وفى أيديهم النسخة الجديدة من جريدة الوفد وأوعدك لن أؤخر مقالى كما لن تتأخر جريدة الوفد عن الوصول إلى يد القارئ كل يوم، لقد أحزنتنا يا أيمن وذرفنا عليك الدموع، ونحن كنا نتلمس فرحة ولو افتراضية فى هذا العيد الاستثنائى بعد صيام استثنائى لشهر رمضان الكريم، ولكن أعلم أنك ستكون سعيدًا فى دار الحق عندما تتأكد أن جريدة الوفد مستمرة فى أداء رسالتها، ولن تبدل سياستها فى الانحياز للوطن والمواطن، ومحاربة الإرهاب و«كورونا»، وستكتب جريدة الوفد خبر الانتصار على المرضين فى صفحاتها الأولى، لأن جريدة الوفد يا أيمن هى سلاح القوة الناعمة الذى نرفعه فى وجه أعداء الوطن عندما يحاولون العبث بالأمن القومى الذى نعتبره خطًا أحمر، أذكرك يا أيمن كم جلسنا نتناقش فى هذه القضايا وكم اتفقنا على أننا فى الوفد نضع أيدينا فى يد الدولة وفى يد القوات المسلحة والشرطة، وننشر فى الوفد الكلمة الصادقة التى تحمل فى طياتها الانحياز التام لقضايا الوطن، وهل هناك فى قضايا اليوم أخطر من الإرهاب و«كورونا»؟، وهل هناك قضايا أهم من متابعة الإنجازات التى تتحقق كل يوم على أرض الوطن رغم مواجهة الدولة لخطرين كل منهما أشد فتكًا من الآخر وهما الإرهاب والڤيروس، ألم أقل لك يا أيمن سننتصر، اطمئن إنك أديت رسالتك، وغادرتنا فى أيام سعيدة، نحن نفتقدك، ومازالت السجادة الحمراء التى كان يحلو لك أن تفرشها بين مكاتب محررى قسم الأخبار والحوادث والتحقيقات فى مكانها لأداء الصلاة، وكنت أقول لك المسجد موجود فى مبنى الحزب يا أيمن، وترد فى أدب جم مستعجل: ورايا شغل، وتجمع زملاءك للصلاة، فعلًا العمل عبادة.

الوداع يا أيمن وعتابنا عليك أنك رحلت بدون وداع كنا ننتظرك ولكنك لن تعود، رحمك الله رحمة واسعة، وتولى ابنتيك برعايته وعطفه لاستكمال مسيرتك.