رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

 

 

 

قضى المصريون ليلة حزينة حافلة بمشاعر اللوعة و ذرف الدموع مساء يوم الخميس ، وهم يشاهدون فى مسلسل «الاختيار»المعركة الباسلة للكتيبة 103 صاعقة بقيادة عقيد أركان حرب» أحمد صابر المنسى «للتصدى للهجوم الإرهابى للتكفيريين على كمين» البرث «فى مدينة رفح شمال أرض سيناء الحبيبة الغالية . ومع أن معظم المشاهدين يعرفون أن الحلقة تصور حدثا يعود إلى السابع من يوليو 2017، أى أنه جرى قبل نحو ثلاث سنوات ، وأن نتيجة المعركة معروفة سلفًا، حيث استشهد 26 بطلاً من جنود الكتيبة بينهم قائدها ، مع ذلك ، فقد سالت الدموع أنهارًا، وقائد الصاعقة المصرية يتقدم جنود فرقته للتصدى للإرهابين، بل هو يمنع الجنود من اللحاق به ، ليخوض المعركة بجسده الحى ، مثلما فعل جنوده قبله تنفيذا لشدوهم : حالفين لنموت وتعيش مصر الوهابة . لكن المعركة برغم دمويتها وبشاعتها، تنتهى كما أراد لها الجنود وقائد الكتيبة، فلم يتمكن الإرهابيون من أخذ جثامين الشهداء كما خططوا ، واستطاع الدعم الجوى لسلاح الطيران إبادة أربعين فردًا منهم ومعداتهم المتطورة .

شاهد المصريون كبارا وصغارا كيف تحاك المؤامرات ضد وطنهم وجيشهم ، وكشف المسلسل أن قرار اصطياد «المنسى «قد اتخذ خارج مصر، ربما فى لندن أو الدوحة أو أنقرة أو تل أبيب، لينفذه مرتزقة مأجرون وهم يرفعون زورا ريات تهتف باسم الله . فهو قائد غير عادى خاض أرقى التدريبات والدورات ، وحصل على الماجستير فى العلوم الحربية ، فضلا عن مواهبه الشخصية فى قرض الشعر الحماسى، وفضائله الأخلاقية التى تجلت فى بساطته وإنسانيته فى التعامل مع جنوده ، وفكره المستقبلى الذى دفعه لتوطيد أواصر الصداقة مع أهل سيناء ، فأحبوه، وتحمل بعض قادة عشائرهم مخاطرة تقديم واجب العزاء له فى وفاة والده، وفى العقيد رامى حسنين الذى استشهد فى أكتوبرعام 2016، وجاء المنسى ليخلفه فى قيادة الكتيبة ، وقبل ذلك وبعده ،للتعاون مع الكتيبة للكشف عن مواقع الإرهابيين الذين يعيشون متخفين وسط التجمعات السكانية لأهالى سيناء، حتى لو كان الثمن هو حياتهم ،لأن عدوهما واحد كما قال للمنسى شيخ القبيلة .

المسلسل يقدم عملا فى الدراما التسجيلية ، يعيد بناء ملحمة البرث كما جرت ، بكفاءة واقتدار مكنت المخرج «بيتر ميمى» و«المؤلف «باهر دويدار» والسخاء الانتاجى للمنتج «تامر مرسى» من استخراج أدق التفاصيل من المساعدة اللوجيستية والمادة الفيلمية التى أمدتهم بها القوات المسلحة، لإعادة تخليق تلك الملحمة كما جرت ، وتقديمها بشكل فنى راق، اتًسم بالمصداقية والتشويق، وأثار المشاعر الوطنية العميقة لمشاهديه.

وما كان لتلك الرسالة أن تصل بهذا الصدق الفنى، لولا التناغم التام بين مختلف عناصرها الفنية، وفى القلب منها موسيقى « تامر كروان» ودقة اختيار الملابس للمصممة ملك ذو الفقار . فضلاً عن أن حاملى الرسالة  هم كتيبة أخرى من الفنانين الموهبين ذوى الضمائر الحية والعقول الواعية، والروح المسئولة التى قادت بعضهم وهم نجوم ،لأداء مشهد واحد فقط داخل المسلسل ، بينهم محمد إمام وأحمد السقا ، و تعجز المساحة المتاحة عن سرداسمائهم فردا فردا . لكن تظل الأدوار التى قام بها الفنانون «أمير كرارة « و» أحمد العوضى «و «أحمد فؤاد سليم « علامات فارقة فى تاريخهم الفنى .

شكل الاستقبال الحماسى للمسلسل ، تماما كما فعل من قبله فيلم «الممر»، رسالة أخرى لاتقل أهمية عن رسالة المسلسل التى تنطوى على فكرة أن افتداء الوطن لا حدود لتضحياته ، وترخص أمام ضروراته الحياة ،وكل غال وثمين . أما هذا الاستقبال المذهل فيؤكد أن «الجمهور عايز كده» وأن على لجان الدراما التليفزونية ، أن تعكف على العمل لاستخراج البطولات والنجاحات التى يحفل بها التاريخ المصرى المدنى والعسكرى لإنارة العقول وحفز الهمم، وتشكيل الوجدان الوطنى لأجيالنا الجديدة بتأكيد أن الأمم تبنى بالعرق والدم والكفاح.