رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

قليلا وربما نادرا ما تجتمع التجارة والانسانية ونبل الأخلاق فى رجل واح، وأزعم أنها اجتمعت  الى حد كبير فى المرحوم الشيخ صالح كامل رجل الأعمال السعودى الذى وافته المنية، مساء الاثنين الماضى، عن عمر ناهز 79 عاما.. وقليلا وربما نادرا ما تلتقى التجارة والثقافة فى رجل واحد ولكنهما التقيا فى شخص صالح كامل الذى استثمر فى الثقافة والفنون بنفس ولعه بالتجارة.. الشيخ صالح كامل بشخصيته الكاريزمية اعطى التجارة والأعمال فى السعودية والخليج مذاقا خاصا، كان مزيجا من توابل القرن السابع والثامن الميلادى وحاسبات القرن العشرين.. شخصية أشبه بشهبندر التجار.. عام 1996 التحقت بالعمل بشبكة راديو وتليفزيون العرب التى أسسها صالح كامل عام 1992، وهو اول من أنشأ عربيا قنوات متخصصة للأطفال والدراما والسينما والرياضة، وأول من أدخل نظام التشفير للبث الفضائى.. اقتربت من الرجل فى حدود أتاحت لى التعرف عليه عن قرب أحيانا، ومن شبكة أصدقائه اطلعت أكثر على أعماق رجل جمع بين الثروة والبساطة.

  نشأة الشيخ صالح كامل فى مكة المكرمة وعمله الى  جانب والده يرحمه الله الشيخ عبدالله كامل فى خدمة حجاج بيت الله الحرام كمطوف ينقل الحجيج ويرعى أمورهم  أكسبه بعدا انسانيا جعل منه انسانا عالمى القيم والمثل.. حكى لنا مرة  أنه فى أحد مواسم الحج وكان شابا دون الثلاثين عاما يقوم بنقل الحجاج من جدة محطة الوصول الى مكة حيث المشاعر المقدسة.. وفى يوم من أيام الحج وفوق عرفات اتجه ناحية والده وتوقف امامه مخاطبا اياه: يا والدى أشفق عليك من التعب وقد أصبحنا الآن نمتلك ثلاثة ملايين ريال، فلماذا لا تستريح وتتركنى أعمل.. ويضحك الشيخ صالح - رحمه الله - متذكرا رد والده عليه «قال لى يا ولد يا صالح الحاجة المصرية العجوز اللى هناك دى، قبل مجيئك طلبت ماء لتروى عطشها - وكان الوقت صيفا - فاحضرت لها الماء فظلت تدعو لى بالستر والصحة وبركة الأولاد.. تقدر يا صالح تجيب ناس تدعيلى بالـ 3 ملايين ريال بتوعك.. روح يا صالح شوف شغلك.

كان الشيخ صالح كامل بارا بوالده الى أبعد مدى ولو شغلته التجارة والشركات والصفقات عن الدنيا لا تشغله عن والده. ولما سألناه مرة عن اسم «دلة» ومعروف ان «الدلة»  لدى أهل الجزيرة العربية هى دلة القهوة أو الشاى وشكلها أشبه بالابريق .. قال ان للاسم قصة على خلاف ما يتوقع البعض.. فقد كان أبى الشيخ عبدالله ينادونه فى طفولته وصباه على سبيل الدلع  «دلة» اشتقاقا من اسمه، وعندما فكرنا فى تأسيس أول كيان تجارى رسمى كنواة لتجارة قد تكبر وتتسع اتفقنا على تسمية الشركة «شركة دلة» والتى تحولت مع السنين الى مجموعة دلة القابضة.

حضرت مع الشيخ صالح كامل صلاة الظهر داخل مقر مركز شبكة راديو وتليفزيون العرب بمدينة جدة وكل المصلون من الموظفين ومدير المركز آنذاك وكان استاذا جامعيا.. العدد كان دون العشرين شخصا  وبحكم المكان كنا صفين من المصلين وعندما نادى الامام للصلاة كان الشيخ صالح فى الصف الثانى وهنا طلب مدير المركز من الشيخ صالح أن يتقدم للصف الأول، ضحك الرجل وقال: «يا أخى يوم الحساب مفيش صف أول وتانى ولا أمير وغفير، وبقى مكانه.

المقربون من الشيخ صالح كامل  كانوا كثيرين،  استظرف البعض فأدخلهم فى دائرته، واحترم آخرين فكان حريصا على الاحتفاظ بهم قريبين منه، ولكن من بين كثير من الوجوه كان الدكتور محمد عبده يمانى وزير الاعلام السعودى الأسبق - رحمه الله - وزوج شقيقة الشيخ صالح كامل من أقرب الشخصيات المثقفة للرجل، وبحكم العمل كانت صلتى بالدكتور محمد عبده يمانى متصلة بلا انقطاع وكنت أرى فى الرجلين وجهين لرجل واحد مؤمن بأن الحياة مهما طالت فهى قصة قصيرة، وأن الموت قد يأخذ منا ما يستطيع ولكنه لايستطيع أن يأخذ معه سيرة الانسان وعطر انسانيته، واعتقد أن للشيخ صالح كامل سيرة طيبة ستظل حية بعده لزمن طويل.. رحم الله الشيخ صالح كامل.