رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

فى خطوة فاجأت أعضاءها قبل الساحة السياسية  التونسية، حل راشد الغنوشى المكتب التنفيذى لحركة النهضة التى يرأسها، برغم أن النظام الدخلى يجيز له فقط إعفاء أحد الأعضاء وليس حل الهيئة. قرار الحل جاء مع قرب انعقاد المؤتمر الحادى عشر للحركة المقرر فى مايو الجارى، ومع تصاعد الانقسامات الداخلية فى الحركة التى قادت لموجة من الاستقالات منها شملت عددا من كبار قيادييها، فضلا عن الانتقادات الحادة من قبل نواب الحركة الديمقراطية، ومطالبتها بإقالته من رئاسة البرلمان اعتراضا على  زياراته السرية المتعددة إلى تركيا، دون إخبار عن أهدافها.

ومنذ فوزها في الانتخابات العامة التونسية في عام 2011 وسيطرتها على البرلمان حتى تقلد رئاسته، وفشل مشروعها الأيديولوجي لتغيير الهوية الحداثية لتونس التي بدأت مع استقلالها عام 1956، وإجبارها على التخلي عن الحكم تحت وطأة الرفض الشعبي لمشروعها، وحركة النهضة الإخوانية، تخلط الأوراق، وتتستر وراء مواقف تخالف خطابها الديني والفقهي كموافقتها مثلاً على مشروع قانون المساواة في الإرث، وتبنى  خطاب مزدوج، توجه الأول للمواطنين وللقوى الحزبية في الداخل وللقوى الغربية في الخارج الساعية لإدماج جماعة الإخوان في نظم الحكم القائمة في المنطقة، بينما توجه الثاني المتشدد دينياً لأعضائها، وتمر  من الثغرات التي تنشأ من الصراعات التافهة على اقتسام المواقع بين أطراف معسكر خصومها في الحركة المدنية العلمانية والديمقراطية، بينما تمضى الحركة فى استخدام  آليات الديمقراطية، للهيمنة على مفاصل مؤسسات الدولة، فضلاً عن احتكارها مجالات العمل الخيري والدعوي، التي تشكل غطاءً للإغداق المالى السخى عليها من كل من قطر والتنظيم الدولى لجماعة الإخوان.

حين كانت النهضة هي الطرف الأقوى في التركيبة الحاكمة التي تولت السلطة بعد عزل بن علي، كان رئيسها راشد الغنوشي، يقول إن الإسلام منذ نشأ جمع بين الدين والدولة، والدعوة لفصل الدين عن السياسة هي مغامرة تحول الدولة إلى مافيات كما يحدث في بعض الدول الأوروبية.

وحين صار طرفا فى الحكم وليس «الطرف الرئيسي» أعلن أن حركة النهضة التي تعد فرعاً لجماعة الإخوان، سوف تتخلى عن الرداء الديني، وتفصل ما  بين العمل الدعوى والعمل السياسى. جاء هذا الخطاب بعد السقوط المدوى لجماعة الإخوان في مصر، ووضع تونس في قائمة الدول المصدرة للإرهاب الجهادي، وتصاعد عمليات الاغتيالات السياسية في البلاد التي تتهم النهضة بالمسئولية عنها، وتنامي معارك الإرهاب الدولي، الذي ينسب لكل فصائل تيار الإسلام السياسي، وتراجع الحماس الغربي لدمج هؤلاء في النظم العربية، وقبل هذا وبعده كانت عينا الغنوشي شاخصة على الانتخابات المحلية التى حصدت النهضة أغلبية مقاعدها، وبينها رئاسة بلدية تونس التى آلت إليه هو نفسه.

وبرغم فشل مرشح حركة النهضة فى الانتخابات الرئاسية العام الماضى، إلا أن الخطوة عكست  رغبة  الغنوشى الجامحة، ليس للمشاركة فى السلطة بل الانفراد بها، لتثبيت الوضع الانتقالى الذى تعيشه تونس منذ نهاية 2010، الذى قاد إلى تعثر حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وارتفاع وتيرة العنف في المجتمع التونسي  بسيطرة المتشددين الدينيين على منابر المساجد ووضعهم  المناهج التعليمية، وتهديدهم كل القوى المعارضة لتمدد نشاطهم التخريبى فى البلاد.

ومن بين مهام المكتب التنفيذى الذى تم حله، (26 عضوا) وضع اللوائح المنظمة للهياكل التنظيمية للحركة، وهذا المكتب يرأسه الغنوشى، وهو من يختار أعضاءه. ولأن لائحة النظام الداخلى لحركة النهضة لا تسمح برئاستها لأكثر من دورتين، وهو ما يمنع الغنوشى من الترشح لدورة أخرى، فقد بات من شبه المؤكد ان خطوة الحل تستهدف تغيير هذا النظام  الداخلى، ليحق للغنوشى الترشح لدورة ثالثة، لاسيما وأن معظم أعضاء مجلس الشورى (150عضوا) الذى سيعرض عليه قرار الحل، هم من فريق الغنوشى وأقاربه ممن يناصرونه فى الصراع الداخلى الناشب بين قيادات الحركة ورموزها. وتلك هى الديمقراطية كما يفهمها تيار جماعة الإخوان فى كل مكان!