رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

مجبر أخاك لا بطل، لأول مرة منذ أن عرفت الصوم أغير طقوسى اليومية بعد الإفطار خلال شهر رمضان، غيرتها هذا العام وأنا كاره للحبس الإجبارى فى المنزل، وأرجو أن يكون حبساً احتياطياً، وأحصل كما سيحصل غيرى على البراءة من شبهة التورط مع كورونا الذى كشف عن خصومته اللدودة مع بنى البشر.

خطورة كورونا تذكرنى بالأمثال التى كنا نرددها أيام رمضان فى القرية، والذى يكشف لغز المثل الذى يوجه إليه كان يحظى ببعض حلويات رمضان من كنافة وقطايف وعصائر، كان المثل الذى وجه لى، قد الكف ويقتل مائة وألف، والإجابة العقرب، هذه الحشرة القاتلة السامة كانت تحتل جزءاً كبيراً من قريتنا، تقريباً استولت عليه، وحولت منازلنا الى مستوطنات لأبنائها من العقارب الصغيرة، كانت العقرب تتربص بنا فى الشوارع الترابية عندما كنا نلعب تحت القمر انتظاراً للمسحراتى الذى كان يجمعنا من الشوارع ويسلم كل طفل لأسرته وهو يقوم بتنبيههم للسحور، وعندما  كانت تنفرد العقرب بواحد من أطفال القرية، وتدب ذنبها الذى كان يعلو جسمها  كنا نعتبره فى عداد الأموات ويموت فعلا بالسم الذى يدخل جسمه إذا لم يتم إسعافه على الفور، كان الإسعاف من سم العقرب يأخذ طريقتين، إحداهما بدائية وهى الشيخ الذى يقرأ بعض الآيات القرآنية على مكان لدغة العقرب، ويقوم بعض مكان اللدغ لإخراج الدم المسمم، وكان هذا العلاج ينجح أحياناً، وأحياناً تخيب، ويسلم الملدوغ الروح بين يدى سيدنا، والطريقة الثانية للعلاج كانت الحقن بسم العقرب فى الوحدة الصحية، وغالباً لم يكن هذا النوع من الحقن متواجداً، وكنا نسلمها لله، الى أن توحشت العقارب وانتقلت من الشوارع الى البيوت المبنية بالطوب اللبن الذى كان شائعاً فى هذا الوقت، ومع تقدم الطب والتطعيمات والرعاية الصحية وظهور البناء الحديث، والنظافة، ودخول المياه والصرف الصحى الكهرباء اختفت العقارب، ولكن الثعابين موجودة على استحياء فى بعض المناطق، وتوجد بكثرة فى وسط نبات الحلفا الذى ينمو  عشوائياً على الطرق اللصيقة بالزراعات.

أحياناً الخوف من العقارب كان يدفعنا الى عدم الخروج الى الشوارع خوفاً من اللدغ، وكنا نقول عليها لدغتها والقبر، وبعد قرابة نصف قرن أصبحت أخاف من  كورونا، فلم أخرج حتى الى شرفة المنزل لأرى الشارع بعد غروب الشمس، ثلاثة أسابيع  مرت وأنا لم أتجول فى شارعنا، وعلى المقهى المحبب بعد صلاة التراويح، احتراماً للتباعد الاجتماعى وعندما زهقت من الحبس الاحتياطى الذى فرضه كورونا وجدت ضالتى فى الترفيه عن طريق مشاهدة البرامج التليفزيونية ودراما رمضان، واكتشفت أن بعض المواد الدرامية هذا العام لا تقل خطراً عن كورونا والعقرب، اللهم اكفنا شر كورونا وشر الاستهبال والاستهتار والمسخرة التى نشاهدها باسم حرية الإبداع.