رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

 

- أنت «متلخبط»..هذا صحيح.. وأنا أيضاً ! لا أحد فى العالم لا ينتابه هذا الشعور.كل الدول والشعوب تواجه لحظة اللخبطة هذه،ولكن كلٌ بطريقته.هناك من يتعامل معها بحزم وحسم، وهناك من يتعامل معها بالتواكلية والاستهتار وانعدام طرق الابتكار.هناك من يحافظ على نفسه فيحقق التباعد الاجتماعى المطلوب، ويطبق شروط الوقاية الضرورية، وهناك من يؤذى غيره ولا يحترم حقه فى الحياة، وربما حتى من دون أن يعى أنه يفعل ذلك! الإجازة الإجبارية التى حصلت عليها قطاعات فى الدولة لم يقابلها تقديم خدمات مختلفة كنا فى أشد الاحتياج إليها، كالخدمات البنكية عبر الانترنت،والسحب والإيداع الآلي..وخدمات دفع الاشتراكات  فى شركة الاتصالات وكذلك خدمات هيئة البريد وصرف المعاشات وغيرها.اشتكى الملايين من ضعف الإنترنت،فى حين أنه كان واجباً انتهاز الفرصة لتقديم انترنت عالى السرعة ليلبى احتياجات «المحجورين»فى البيوت الذين اشتكوا مرّ الشكوى من سقوط الشبكة الانترنتية.

كان واجبا على البنوك أن تغير طريقة وأوقات تعبئة ماكينات الصرف الآلي، التى شهدت ولاتزال ازدحاماً غير مسبوق  وتلامساً وتخالطاً لن يجد فيروس كورونا اللعين فرصة أفضل منها لينهش الأرواح. مشهد صادم  ومتكرر يومياً.عشرات الوجوه تتنفس فى وجه بعضها البعض.الناس تدس أنوفها فى أنوف غيرها من دون وجل،ومن دون تحسب لفتك الفيروس..يفعلون ذلك تحت سمع وبصر المسئولين.لا نعفى أحداً من المسئولية..من مدراء البنوك إلى مسئولى هيئة الاتصالات والبريد.يتجمع المصريون أمام ماكينات الصرف الآلى وكأنهم واقفون فى أحد محال شارع الصاغة لشراء شبكة عروس..الكل يمد رقبته ويدس أنفه وكأنه يريد معاينة قطع الذهب وهى تتلألأ أمامهم،من دون أن يدرك أنه أمام عملية مصرفية يفترض أنها بالغة السرية والخصوصية!

لا يوجد موظف بنك ولاعنصر أمن قادر على ردع الناس.ومدراء البنوك أنفسهم لم يفكروا فى هذا المشهد وليسوا معنيين به.وأظن أنه كان واجباً عليهم مساعدة الدولة فى تحقيق أقصى درجات التباعد الاجتماعي.ماذا يحدث لو أن البنوك-وهيئة البريد والسنترالات- نظمت تقاطر الجمهور عليها بأساليب مبتكرة، سواء بتوفير عدد عناصر أمن أكثر ،أو باستئجار كراسى يتم ترقيمها حسب دور كل راغب فى الصرف الآلي،فيدخل كل منهم فى دوره ويقف بمفرده أمام الصراف الآلي! هناك مأساه يومية تنجم عن تفريغ الماكينات وعدم تعبئتها تباعاً،حيث يجوب الناس الشوارع كالدائخين بحثاً عن ماكينات عامرة بالأموال!

كان ممكناً - بل واجب- أن نغتنم هذه الفرصة الكارثية،لاكتساب مواطيء أقدام نحو رسم ملامح حياة جديدة.كان ممكناً تحويل الغم والهم الذى ابتلينا به إلى تطور وتغيير فى المستقبل.فعلى سبيل المثال داهمت الناس مشكلة إعداد الأبحاث لأبنائهم وتسليمها عبر الإنترنت.الفكرة مدهشة وتضع الطلاب على طريق تعلم لغة العصر، ولكنها فاجأت الناس،فهم ليسوا مستعدين جميعاً لهذه الخطوة،فكثيرون ليس لديهم انترنت ولا كمبيوترات ولا تليفونات محمولة.ليتنا استعددنا بما يكفى فى مدارسنا فى الأعوام الماضية ،وليتنا فكرنا فى الفئات غير القادرة حتى تكون لديها فرصة مساوية للتطور.

-المثير للألم أن هناك إجماعا على ضرورة تحقيق أقصى درجات النظافة،لحماية أنفسنا،ورغم أن كورونا هو المستفيد الأوحد من تلال القاذورات والقمامة المحيطه بنا،إلا إننا أضعنا فرصة ابتكار حلول ناجعة لاجتثاث هذه الكارثة!