رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

 

 

الصدمة في مشكلة فيروس كورونا ليست في المخاطر الصحية على المجتمع الانساني كله لأن هذا العامل مؤقت وعابر ولكن البعد الأكثر خطورة في الموضوع هو ارتباك هذا العالم وفي لحظة واحدة أمام لغز محير وضع الكون في حالة مواجهة غامضة مع مجهول أكثر غموضا..  صدر عن مركز الزيتونة للدراسات مؤخرا بحث قيم للدكتور وليد عبد الحى يرد على اسئلة محددة : هل ستتغير قواعد عالم ما بعد نهاية الحرب الباردة والذي تتصدره قوة عظمى هي الولايات المتحدة الأمريكية ؟ هل ستتبدل مواقع القوى العظمى والفاعلة في العالم ؟ هل خريطة القوى العالمية تنتقل بها مواقع التأثير من الغرب الى الشرق ؟.

يحدد الباحث اتجاهات بحثه بطرح ما يعتبره حقيقة قائمة حتى الآن وهي أنه بالعودة للتاريخ الإنساني يتبين أن “العقل الإنساني” عبر التطور التدريجي تمكن في خاتمة المطاف من استيعاب الصدمات الكبرى (وبائية، أم سياسية، أم اقتصادية، أم بيئية، أم غيرها).

ويرى الباحث أن جائحة أو كارثة كورونا لن تزحزح الاتجاهات الأعظم الأربعة عن مواصلة المسيرة، فلن تتوقف الزيادة السكانية (عند مقارنة عدد المواليد بعدد الوفيات حتى مع كورونا)، ولن يتوقف التراكم العلمي (فالعقل البشري قلق بطبيعته ولن يستقر أمام أي جديد، بل سيلاحقه للفهم والتكيف بل والتوظيف)، ولن تتراجع شبكات التواصل والاتصال بين الأفراد والمجتمعات، ولن تتوقف ثنائية الصراع و”المماحكة” التاريخية بين الإنسان والإنسان وبينهما وبين الطبيعة وما وراءهما. وبالنظر للسوابق التاريخية كما يقرر الباحث فإن فيروس السارس SARS  مثلا كلف دول شرق آسيا في سنة 2003 نحو 2% من إجمالي ناتجها القومي في حينه، بينما زلازل اليابان سنة 2011 كلفت اليابان ما يوازي 235 مليار دولار، وتوقف الإنتاج في بعض من أكبر شركاتها، [10] وبقيت آثار الزلزال حتى سنة 2017، على الرغم من الإمكانيات الكبيرة لليابان على التكيف، ولا شك أن آثار الكورونا تفوق ذلك في حالة دول كثيرة.

ويتساءل الباحث نافيا بالطبع الاجابة بنعم - هناك 60 ألف شركة متعددة الجنسية ولها نحو نصف مليون فرع تغطي كل أرجاء المعمورة ويعمل منها نحو 162.4 ألف في الاتحاد الأوروبي، فهل ستفك هذه الشركات العملاقة مصانعها وفروعها التي تغطي الإنتاج والتسويق والخدمات ؟ وعلى صعيد آخر اتسعت التجارة الدولية من 1950 إلى 2019 من نحو 62 مليار دولار إلى نحو 19 تريليون دولار، أي بمعدل أكثر من 306 أضعاف، فهل يسمح العالم المعاصر بأن يعصف فيروس كورونا بمكتسباته من منتصف القرن الماضي الي يومنا هذا ؟  هل العالم مستعد أن يتنازل عن قيمة الاستثمارات الخارجية دولياً والتي بلغت  نحو 1.3 تريليون سنة 2018  أم أن  الدول التي فيها هذه الاستثمارات ستجد نفسها امام كثير من  الإغراءات لتبقى وتحول دون انهيار اقتصادياتها بفعل أزمة الفيروس.

هناك نحو 164 مليون عامل أجنبي طبقاً لأرقام منظمة العمل الدولية يعملون خارج بلادهم، ويقومون بتحويل مبالغ هائلة سنوياً لاقتصاد دولهم، فهل سيترك هؤلاء أعمالهم؟ وثرواتهم؟ إنهم يتوزعون في مناطق الجذب (32% في أوروبا، و23% في أمريكا الشمالية، و13.9% في الدول العربية، و13.3% في دول آسيا الأخرى، و7.9 في إفريقيا و7.1 في الباسيفيكي…إلخ)، فقد يعود بعضهم أو تتلكأ حركة التزايد في أعدادهم، لكن التغلب على الكورونا سيعيدهم لمصانعهم لاسيّما في ظل الحاجة المتبادلة بين طرفي العمل.ويخلص الباحث الي ان العالم سيتجه بعد لجم تفشي الكورونا إلى إصلاح الأضرار الاقتصادية المترتبة على هذا الزلزال والتي أدت إلى انخفاض معدل دخل الفرد في 170 دولة، لكنها لن تتمكن من ذلك إلا باستثمار هياكل العولمة القائمة مع محاولة الاستمرار في التنافس القومي لدفع مسارات العولمة باتجاه مصالح الدولة القومية، وهو ما سيدخل بعض آليات العولمة في مساومات قاسية قد تتخللها تشنجات سياسية دون الوصول بها لمرحلة الصدام المباشر بالوسائل الخشنة.