رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

أعتمدت الأجهزة الاستخباراتية مؤخرًا فى إدارة الصراعات السياسية على القوة الناعمة التى تتلون بأشكال بريئة من خلال طرق ووسائل سلمية تستطيع أن تسيطر بها على عدوك وتجعله ينفذ ماتريد دون ان يشعر بأنك تجبره وأتت هذه الاستراتيجية أكلها وحققت نتائج مبهرة فى إشعال ثورات شعبية وتأجيج حروب أهلية واقتلاع أنظمة سياسية دون إطلاق رصاصة واحدة. 

 أول من صك هذا المصطلح هو جوزيف ناى الأستاذ بجامعة هارفارد سنة 1990 بعد صدور كتابه «مقدرة للقيادة» يرى ناى إمكانية إعجاب الآخرين بمبادئك وأفكارك والسيطرة عليهم بأسلوب محبب وليس هناك أفضل من الدراما التى تستطيع جذب قلوب والباب الشعوب العربية الهائمة على وجهها وللأمانة فقد سحبت الدراما التركية البساط من الجميع بسبب نمطية الدراما المصرية ومن ثم استحوذت على نسبة مشاهدة عالية 82 % من الجمهور العربى بسبب الطبيعة الرائعة والتقنية المتطورة وسقف الرقابة المفتوح والميزانيات الهائلة والعمل بنظام الورش وباتت تركيا تحتل المركز الثانى عالميًا، بعد الولايات المتحدة، فى ترتيب الدول الأكثر تصديرًا للمسلسلات، وعادت على البلاد بأكثر من 300 مليون دولار صادرات سنويًا ويتم الاعتماد عليها للترويج للصناعة والسياحة وحتى للسياسة وأحسنت تركيا استغلالها لتقديم نفسها نموذجاً يحتذى، ومصدراً للإلهام من أجل ذلك ظهر أردوغان ووزراء حكومته فى مواقع تصوير مسلسل قيامة أرطغل مع الممثلين وهم يرتدون ملابسهم التاريخية نكاية فى مسلسل حريم السلطان الذى تم إيقافه رغم نجاحه الكبير بحجة الإساءة إلى التراث العثمانى. 

لا شك أن أردوغان يحاول جاهدًا العودة إلى الماضى بإحياء أمجاد الامبراطورية العثمانية على الأقل فى عقول شعوبنا من خلال جاذبية الدراما. فماذا نحن فاعلون؟ يبدو أن الدولة المصرية فى طريقها الآن إلى تخطى مرحلة الارتباك منذ 2011 إلى 2015 والدليل هو الانتباه إلى أهمية دور الدراما فى الحرب على الإرهاب والنجاح المدوى لفيلم «الممر»، ثم حالة الالتفاف الشعبى على مسلسل «الاختيار» وما أحدثه فى عودة الوعى الجمعى للمصريين وهذا الهلع الذى أصاب حلف الشيطان فى الدوحة واسطنبول . 

يجب أن يحظى ملف الدراما برؤية استراتيجية مختلفة تشرف عليه الجهات السيادية كملف أمن قومى، فلك أن تتخيل أن الدراما تستطيع أن ترمم علاقتنا مع الجزائر بعد أزمة المباراة الشهيرة بمسلسل يسرد قصة الدور المصرى فى حرب التحرير أو نستعيد مشاعر الألفة والود مع السودان من خلال مسلسل يحكى تاريخنا المشترك. أو نغزو عقول الاثيوبيين بدبلجة المسلسلات إلى اللغة الأمهرية. تالله لو كان بيدى الأمر لقمت بدبلجة أو على الأقل بترجمة «الممر» و«الاختيار» إلى اللغة العبرية وأهديتهما إلى القنوات الإسرائيلية مجانًا بكل حب.

 الدراما يمكنها جذب السياحة وتشجيع الاستثمارات بتقديم صورة مصر الجديدة فى العاصمة الإدارية والعلمين والمتحف الكبير وشبكة الطرق الحديثة وكفانا واقعية أفلام العشوائيات المريرة التى رسخت صورة سلبية عن مصر وجعلت منها رمزًا للقبح والتخلف. يجب على المسئولين أيًا كان موقعهم الإسراع بإرسال بعثات للموهوبين الشباب من المخرجين والممثلين والكتاب إلى الخارج لتعلم آخر ما وصل إليه العلم فى هذا المجال المهم.

  القوة الناعمة لأى بلد تقوم على ثلاثة مصادر هى (الثقافة والقيم والسياسات) وهذا ما نحتاجه الآن.

 لا بأس أن تأتى متأخرًا خيرًا من ألا تأتى أبدًا.